279
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

مِن عِندِهِ ، وأتاهُ ابنُ الزُّبَيرِ فَحَدَّثَهُ ساعَةً ، ثُمَّ قالَ : ما أدري ما تَركُنا هؤُلاءِ القَومَ وكَفُّنا عَنهُم ، ونَحنُ أبناءُ المُهاجِرينَ ، ووُلاةُ هذَا الأَمرِ دُونَهُم ، خَبِّرني ماتُريدُ أن تَصنَعَ ؟
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وَاللّهِ لَقَد حَدَّثتُ نَفسي بِإِتيانِ الكوفَةِ ، ولَقَد كَتَبَ إلَيَّ شيعَتي بِها وأشرافُ أهلِها ، وأستَخيرُ اللّهَ . فَقالَ لَهُ ابنُ الزُّبَيرِ : أما لَو كانَ لي بِها مِثلُ شيعَتِكَ ما عَدَلتُ بِها .
قالَ : ثُمَّ إنَّهُ خَشِيَ أن يَتَّهِمَهُ فَقالَ : أما إنَّكَ لَو أقَمتَ بِالحِجازِ ، ثُمَّ أرَدتَ هذَا الأَمرَ هاهُنا ، ما خولِفَ عَلَيكَ إن شاءَ اللّهُ ، ثُمَّ قامَ فَخَرَجَ مِن عِندِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ها إنَّ هذا لَيسَ شَيءٌ يُؤتاهُ مِنَ الدُّنيا أحَبَّ إلَيهِ مِن أن أخرُجَ مِنَ الحِجازِ إلَى العِراقِ ، وقَد عَلِمَ أنَّهُ لَيسَ لَهُ مِنَ الأَمرِ مَعي شَيءٌ ، وأنَّ النّاسَ لَم يَعدِلوهُ بي ، فَوَدَّ أنّي خَرَجتُ مِنها لِتَخلُوَ لَهُ .
قالَ : فَلَمّا كانَ مِنَ العَشِيِّ ـ أو مِنَ الغَدِ ـ أتَى الحُسَينَ عليه السلام عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ ، فَقالَ : يَا بنَ عَمِّ ، إنّي أتَصَبَّرُ ولا أصبِرُ ، إنّي أتَخَوَّفُ عَلَيكَ في هذَا الوَجهِ الهَلاكَ وَالاِستِئصالَ ، إنَّ أهلَ العِراقِ قَومٌ غُدُرٌ فَلا تَقرَبَنَّهُم ، أقِم بِهذَا البَلَدِ فَإِنَّكَ سَيِّدُ أهلِ الحِجازِ ، فَإِن كانَ أهلُ العِراقِ يُريدونَكَ كَما زَعَموا ، فَاكتُب إلَيهِم فَليَنفوا عَدُوَّهُم ، ثُمَّ اقدَم عَلَيهِم . فَإِن أبَيتَ إلّا أن تَخرُجَ ، فَسِر إلَى اليَمَنِ ، فَإِنَّ بِها حُصونا وشِعابا ۱ ، وهِيَ أرضٌ عَريضَةٌ طَويلَةٌ ، ولِأَبيكَ بِها شيعَةٌ ، وأنتَ عَنِ النّاسِ في عُزلَةٍ ، فَتَكتُبُ إلَى النّاسِ، وتُرسِلُ وتَبُثُّ دُعاتَكَ ، فَإِنّي أرجو أن يَأتِيَكَ عِندَ ذلِكَ الَّذي تُحِبُّ في عافِيَةٍ.
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ عَمِّ ، إنّي وَاللّهِ لَأَعلَمُ أنَّكَ ناصِحٌ مُشفِقٌ ، ولكِنّي قَد أزمَعتُ وأجمَعتُ عَلَى المَسيرِ. فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ: فَإِن كُنتَ سائِرا فَلا تَسِر بِنِسائِكَ

1.الشِّعبُ : الطريق في الجبل ، والجمع الشِّعاب (الصحاح : ج ۱ ص ۱۵۶ «شعب») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
278

فَقُلتُ : لِمَن هذا القِطارُ ۱ ؟ فَقيلَ : لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَتَيتُهُ فَسَلَّمتُ عَلَيهِ ، وقُلتُ لَهُ : أعطاكَ اللّهُ سُؤلَكَ وأَمَلَكَ فيما تُحِبُّ ، بِأَبي أنتَ واُمّي يَابنَ رَسولِ اللّهِ ! ما أعجَلَكَ عَنِ الحَجِّ ؟
فَقالَ : لَو لَم أعجَل لَاُخِذتُ . ۲

۷ / ۳

حِوارُ الإِمامِ عليه السلام مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ

۱۳۶۴.تاريخ الطبري عن عقبة بن سمعان :إنَّ حُسَينا عليه السلام لَمّا أجمَعَ المَسيرَ إلَى الكوفَةِ ، أتاهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ فَقالَ : يَا بنَ عَمِّ ! إنَّكَ قَد أرجَفَ ۳ النّاسُ أنَّكَ سائِرٌ إلَى العِراقِ ، فَبَيِّن لي ما أنتَ صانِعٌ ؟
قالَ : إنّي قَد أجمَعتُ المَسيرَ في أحَدِ يَومَيَّ هذَينِ ، إن شاءَ اللّهُ تَعالى .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : فَإِنّي اُعيذُكَ بِاللّهِ مِن ذلِكَ ، أخبِرني ـ رَحِمَكَ اللّهُ ـ أَتسيرُ إلى قَومٍ قَد قَتَلوا أميرَهُم ، وضَبَطوا بِلادَهُم ، ونَفَوا عَدُوَّهُم ؟ فَإِن كانوا قَد فَعَلوا ذلِكَ فَسِر إلَيهِم ، وإن كانوا إنَّما دَعَوكَ إلَيهِم وأميرُهم عَلَيهِم ، قاهِرٌ لَهُم ، وعُمّالُهُ تَجبي بِلادَهُم ، فَإِنَّهُم إنَّما دَعَوكَ إلَى الحَربِ وَالقِتالِ ، ولا آمَنُ عَلَيكَ أن يَغُرّوكَ ويَكذِبوكَ ويُخالِفوكَ ويَخذُلوكَ ، وأن يُستَنفَروا إلَيكَ ، فَيكونوا أشَدَّ النّاسِ عَلَيكَ .
فَقالَ لَهُ حُسَينٌ عليه السلام : وإنّي أستَخيرُ اللّهَ وأنظُرُ ما يَكونُ ، قالَ : فَخَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ

1.القِطارُ : قِطارُ الإبل (الصحاح : ج ۲ ص ۷۹۶ «قطر») .

2.الإرشاد : ج ۲ ص ۶۷ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۵ ، مثير الأحزان : ص ۳۸ و ص ۴۰ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۶۳ و ص ۳۶۵ .

3.أرجف القوم : أكثروا من الأخبار السيّئة واختلاق الأقوال الكاذبة (المصباح المنير : ص ۲۲۰ «رجف») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8212
صفحه از 458
پرینت  ارسال به