223
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

الثَّقَفِيِّ ، قالَ : كُنتُ جالِسا عِندَ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ حينَ بَلَّغَهُ هانِئُ ابنُ أبي حَيَّةَ عَنِ المُختارِ هذِهِ المَقالَةَ ، فَقالَ لي : قُم إلَى ابنِ عَمِّكَ فَأَخبِرهُ أنَّ صاحِبَهُ لا يَدري أينَ هُوَ ، فَلا يَجعَلَنَّ عَلى نَفسِهِ سَبيلاً ، فَقُمتُ لِاتِيَهُ ، ووَثَبَ إلَيهِ زائِدَةُ بنُ قُدامَةَ بنِ مَسعودٍ ، فَقالَ لَهُ : يَأتيكَ عَلى أنَّهُ آمِنٌ ؟ فَقالَ لَهُ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ : أمّا مِنّي فَهُوَ آمِنٌ ، وإن رَقى إلَى الأَميرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ شَيءٌ مِن أمرِهِ أقَمتُ لَهُ بِمَحضَرِهِ الشَّهادَةَ ، وشَفَعتُ لَهُ أحسَنَ الشَّفاعَةِ ، فَقالَ لَهُ زائِدَةَ بنُ قُدامَةَ : لا يَكونَنَّ مَعَ هذا إن شاءَ اللّهُ إلّا خَيرٌ .
قالَ عَبدُ الرَّحمنِ : فَخَرَجتُ وخَرَجَ مَعي زائِدَةُ إلَى المُختارِ ، فَأَخبَرناهُ بِمَقالَةِ ابنِ أبي حَيَّةَ ، وبِمَقالَةِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ ، وناشَدناهُ بِاللّهِ ألّا يَجعَلَ عَلى نَفسِهِ سَبيلاً ، فَنَزَلَ إلَى ابنِ حُرَيثٍ فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، وجَلَسَ تَحتَ رايَتِهِ حَتّى أصبَحَ .
وتَذاكَرَ النّاسُ أمرَ المُختارِ وفِعلِهِ ، فَمَشى عُمارَةُ بنُ عُقبَةَ بنِ أبي مُعَيطٍ بِذلِكَ إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَذَكَرَ لَهُ ، فَلَمَّا ارتَفَعَ النَّهارُ فُتِحَ بابُ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، وأذِنَ لِلنّاس ، فَدَخَلَ المُختارُ فيمَن دَخَلَ ، فَدعاهُ عُبَيدُ اللّهِ ، فَقالَ لَهُ : أنتَ المُقبِلُ فِي الجُموعِ لِتَنصُرَ ابنَ عَقيلٍ ؟ فَقالَ لَهُ : لَم أفعَل ، ولكِنّي أقبَلتُ ونَزَلتُ تَحتَ رايَةِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ ، وبِتُّ مَعَهُ وأصبَحتُ .
فَقالَ لَهُ عَمرٌو : صَدَقَ أصلَحَكَ اللّهُ ، قالَ : فَرَفَعَ القَضيبَ فَاعتَرَضَ بِهِ وَجهَ المُختارِ فَخَبَطَ بِهِ عَينَهُ فَشَتَرَها ۱ ، وقالَ : أولى لَكَ ، أمَا وَاللّهِ لَولا شَهادَةُ عَمرٍو لَكَ لِضَرَبتُ عُنُقَكَ ، اِنطَلِقوا بِهِ إلَى السِّجنِ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَى [السِّجنِ] ۲ فَحُبِسَ فيهِ ، فَلَم يَزَل فِي السِّجنِ حَتّى قُتِلَ الحُسَينُ عليه السلام .

1.الشَّتْرُ : قطع الجَفن الأسفل (النهاية : ج ۲ ص ۴۴۳ «شتر») .

2.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من تاريخ دمشق .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
222

الحُسَينِ عليه السلام ، وبَعَثَ الحُسَينُ عليه السلام مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ إلَى الكوفَةِ ، نَزَلَ دارَ المُختارِ وهِيَ اليَومَ دارُ سَلمِ بنِ المُسَيَّبِ ، فَبايَعَهُ المُختارُ بنُ أبي عُبَيدٍ فيمَن بايَعَهُ مِن أهلِ الكوفَةِ ، وناصَحَهُ ودَعا إلَيهِ مَن أطاعَهُ ، حَتّى خَرَجَ ابنُ عَقيلٍ يَومَ خَرَجَ وَالمُختارُ في قَريَةٍ لَهُ بِخُطَرنِيَةَ ۱ تُدعى «لقفا» .
فَجاءَهُ خَبَرُ ابنِ عَقيلٍ عِندَ الظُّهرِ أنَّهُ قَد ظَهَرَ بِالكوفَةِ ، فَلَم يَكُن خُروجُهُ يَومَ خَرَجَ عَلى ميعادٍ مِن أصحابِهِ ، إنَّما خَرَجَ حينَ قيلَ لَهُ : إنَّ هانِئَ بنَ عُروَةَ المُرادِيَّ قَد ضُرِبَ وحُبِسَ .
فَأَقبَلَ المُختارُ في مَوالٍ لَهُ ، حَتَّى انتَهى إلى بابِ الفيلِ بَعدَ الغُروبِ ، وقَد عَقَدَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ لِعَمرِو بنِ حُرَيثٍ رايَةً عَلى جَميعِ النّاسِ ، وأمَرَهُ أن يَقعُدَ لَهُم فِي المَسجِدِ .
فَلَمّا كانَ المُختارُ وَقَفَ عَلى بابِ الفيلِ ، مَرَّ بِهِ هانِئُ ابنُ أبي حَيَّةَ الوادِعِيُّ ، فَقالَ لِلمُختارِ : ما وُقوفُكَ هاهُنا ! لا أنتَ مَعَ النّاسِ ولا أنتَ في رَحلِكَ ؟ قالَ : أصبَحَ رَأيي مُرتَجّا لِعظَمِ خَطيئَتِكُم ، فَقالَ لَهُ : أظُنُّكَ وَاللّهِ قاتِلاً نَفسَكَ ! ثُمَّ دَخَلَ عَلى عَمرِو بنِ حُرَيثٍ فَأَخبَرَهُ بِما قالَ لِلمُختارِ وما رَدَّ عَلَيهِ المُختارُ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَأَخبَرَنِي النَّضَرُ بنُ صالِحٍ ، عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي عُمَيرٍ

1.خُطَرْنيَة : ناحية من نواحي بابل العراق (معجم البلدان : ج ۲ ص ۳۷۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8043
صفحه از 458
پرینت  ارسال به