15
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

۲ / ۵

ما أوصى بِهِ الإِمامُ أخاهُ مُحَمَّدا

۹۷۹.الفتوح عن الإمام الحسين عليه السلامـ فيما أوصى بِهِ مُحَمَّدَ ابنَ الحَنَفِيَّةِـ : أمّا أنتَ يا أخي فَلا عَلَيكَ أن تُقيمَ بِالمَدينَةِ ، فَتَكونَ لي عَينا عَلَيهِم ، ولا تُخفِ عَلَيَّ شَيئا مِن اُمورِهِم .
قالَ [ابنُ أعثَمَ] : ثُمَّ دَعَا الحُسَينُ عليه السلام بِدَواةٍ وبَياضٍ ... فَكَتَبَ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، هذا ما أوصى بِهِ الحُسَينُ بنُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ لأَِخيهِ مُحَمَّدِ ابنِ الحَنَفِيَّةِ المَعروفِ وَلَدِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام :
إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ يَشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، جاءَ بِالحَقِّ مِن عِندِهِ ، وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالنّارَ حَقٌّ . وأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها ، وأنَّ اللّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبورِ ، وأنّي لَم أخرُج أشِرا ۱ ولا بَطِرا ۲ ، ولا مُفسِدا ولا ظالِما ، وإنَّما خَرَجتُ لِطَلَبِ النَّجاحِ وَالصَّلاحِ في اُمَّةِ جَدّي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، اُريدُ أن آمُرَ بِالمَعروفِ وأنهى عَنِ المُنكَرِ ، وأسيرَ بِسيرَةِ جَدّي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وسيرَةِ أبي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ . . . فَمَن قَبِلَني بِقَبولِ الحَقِّ فَاللّهُ أولى بِالحَقِّ ، ومَن رَدَّ عَلَيَّ هذا أصبِرُ حَتّى يَقضِيَ اللّهُ بَيني وبَينَ القَومِ بِالحَقِّ ، ويَحكُمَ بَيني وبَينَهُم بِالحَقِّ ، وهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ ، هذِهِ وَصِيَّتي إلَيكَ يا أخي ، وما تَوفيقي إلّا بِاللّهِ ، عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وإلَيهِ اُنيبُ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ وعَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ .
قالَ : ثُمَّ طَوَى الكِتابَ الحُسَينُ عليه السلام وخَتَمَهُ بِخاتَمِهِ ، ودَفَعَهُ إلى أخيهِ مُحَمَّدِ ابنِ

1.الأشِرُ : الفَرِحُ البَطِر ، كأنّه يريد كفران النعمة وعدم شكرها (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۵۰ «أشر») .

2.البَطَرُ : الطُغيان عند النعمة وطول الغنى (لسان العرب : ج ۴ ص ۶۹ «بطر») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
14

عَلى غَيرِكَ حَمِدتَ اللّهَ عَلى ذلِكَ ، وإنّي خائِفٌ عَلَيكَ أن تَدخُلَ مِصرا مِنَ الأَمصارِ أو تَأتِيَ جَماعَةً مِنَ النّاسِ فَيَقتَتِلونَ فَتَكونُ طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَطائِفَةٌ عَلَيكَ فَتُقتَلَ بَينَهُم ۱ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يا أخي ! إلى أينَ أذهَبُ ؟ قالَ : اُخرُج إلى مَكَّةَ ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ الدّارُ فَذاكَ الَّذي تُحِبُّ واُحِبُّ ، وإن تَكُنِ الاُخرى خَرَجتَ إلى بِلادِ اليَمَنِ ، فَإِنَّهُم أنصارُ جَدِّكَ وأخيكَ وأبيكَ ، وهُم أرأَفُ النّاسِ وأرَقُّهُم قُلوبا ، وأوسَعُ النّاسِ بِلادا وأرجَحُهُم عُقولاً ، فَإِنِ اطمَأَنَّت بِكَ أرضُ اليَمَنِ وإلّا لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشُعوبِ ۲ الجِبالِ ، وصِرتَ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ لِتَنظُرَ ما يَؤُولُ إلَيهِ أمرُ النّاسِ ، ويُحكَمَ بَينَكَ وبَينَ القَومِ الفاسِقينَ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يا أخي ! وَاللّهِ لَو لَم يَكُن فِي الدُّنيا مَلجَأٌ ولا مَأوى لَما بايَعتُ وَاللّهِ يَزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ أبَدا ، وقَد قالَ صلى الله عليه و آله : «اللّهُمَّ لا تُبارِك في يَزيدَ» .
قالَ : فَقَطَعَ عَلَيهِ مُحَمَّدُ ابنُ الحَنَفِيَّةِ الكَلامَ وبَكى ، فَبَكى مَعَهُ الحُسَينُ عليه السلام سَاعَةً ثُمَّ قالَ : جَزَاكَ اللّهُ ـ يا أخي ـ عَنّي خَيرا ، ولَقَد نَصَحتَ وأشَرتَ بِالصَّوابِ ، وأنَا أرجو أن يَكونَ إن شاءَ اللّهُ رَأيُكَ مُوَفَّقا مُسَدَّدا ، وإنّي قَد عَزَمتُ عَلَى الخُروجِ إلى مَكَّةَ ، وقَد تَهَيَّأتُ لِذلِكَ أنَا وإخوَتي وبَنو إخوَتي وشيعَتي ، وأمرُهُم أمري ، ورَأيُهُم رَأيي . وأمّا أنتَ يا أخي فَلا عَلَيكَ أن تُقيمَ بِالمَدينَةِ فَتَكونَ لي عَينا عَلَيهِم ، ولا تُخفِ عَلَيَّ شَيئا مِن اُمورِهِم . ۳

1.في المصدر : «منهم» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

2.الشِّعب : الطريق في الجبل (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۸۸ «شعب») .

3.الفتوح: ج ۵ ص۲۰، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: ج۱ ص۱۸۷ نحوه؛ بحار الأنوار : ج۴۴ ص۳۲۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8294
صفحه از 458
پرینت  ارسال به