وخَوِّفوا أهلَ المَعصِيَةِ الحِرمانَ وَالعُقوبَةَ، وأعلِموهُم فُصولَ ۱ الجُنودِ مِنَ الشّامِ إلَيهِم.
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني سُلَيمانُ بنُ أبي راشِدٍ ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ خازِمٍ الكَثيريِّ مِنَ الأَزدِ مِن بَني كَثيرٍ ، قالَ : أشرَفَ عَلَينَا الأَشرافُ ، فَتَكَلَّمَ كَثيرُ بنُ شِهابٍ أوَّلَ النّاسِ حَتّى كادَتِ الشَّمسُ أن تَجِبَ ۲
، فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! اِلحَقوا بِأَهاليكُم ولا تَعَجَّلُوا الشَّرَّ ، ولا تُعَرِّضوا أنفُسَكُم لِلقَتلِ ؛ فَإِنَّ هذِهِ جُنودُ أميرِ المُؤمِنينَ يَزيدَ قَد أقبَلَت ، وقَد أعطَى اللّهَ الأَميرُ عَهدا ، لَئِن أتمَمتُم عَلى حَربِهِ ، ولَم تَنصَرِفوا مِن عَشِيَّتِكُم ، أن يَحرِمَ ذُرِّيَّتَكُمُ العَطاءَ ، ويُفَرِّقَ مُقاتِلَتَكُم في مَغازي أهلِ الشّامِ عَلى غَيرِ طَمَعٍ ، وأن يَأخُذَ البَريءَ بِالسَّقيمِ ، وَالشّاهِدَ بِالغائِبِ ، حَتّى لا يَبقى لَهُ فيكُم بَقِيَّةٌ مِن أهلِ المَعصِيَةِ إلّا أذاقَها وَبالَ ما جَرَّت أيدِيها .
وتَكَلَّمَ الأَشرافُ بِنَحوٍ مِن كَلامِ هذا ، فَلَمّا سَمِعَ مَقالَتَهُمُ النّاسُ أخَذوا يَتَفَرَّقونَ ، وأخَذوا يَنصَرِفونَ. ۳
۱۱۶۴.الإرشاد :أقبَلَ مَن نَأى عَنهُ [أي عَنِ ابنِ زِيادٍ] مِن أشرافِ النّاسِ ، يَأتونَهُ مِن قِبَلِ البابِ الَّذي يَلي دارَ الرّومِيّينَ ، وجَعَلَ مَن فِي القَصرِ مَعَ ابنِ زِيادٍ يُشرِفونَ عَلَيهِم فَيَنظُرونَ إلَيهِم ، وهُم يَرمونَهُم بِالحِجارَةِ ويَشتِمونَهُم ، و[لا] ۴ يَفتُرونَ عَلى عُبَيدِ اللّهِ وعَلى أبيهِ .
ودَعَا ابنُ زِيادٍ كَثيرَ بنَ شِهابٍ ، وأمَرَهُ أن يَخرُجَ فيمَن أطاعَهُ مِن مَذحِجٍ ، فَيَسيرَ فِي الكوفَةِ ويُخَذِّلَ النّاسَ عَنِ ابنِ عَقيلٍ ، ويُخَوِّفَهُمُ الحَربَ ويُحَذِّرَهُم عُقوبَةَ
1.فَصَلَ : أي خرج (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۹۰ «فصل») .
2.وجبت الشمسُ : غابت (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۳۶ «وجب») .
3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۹ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۸ ومقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۳ والبداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۴ والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء : ج ۱ ص ۱۸۹ .
4.سقط ما بين المعقوفين من المصدر، وأثبتناه لاستقامة المعنى طبقا للنصّ السابق عن الطبري.