121
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

ومَعَهُ جَمعٌ عَظيمٌ ، ثُمَّ نادى : أنَا عَمرُو بنُ الحَجّاجِ ، هذِهِ فُرسانُ مَذحِجٍ ووُجوهُها ، لَم تَخلَع طاعَةً ولَم تُفارِق جَماعَةً ، وقَد بَلَغَهُم أنَّ صاحِبَهُم يُقتَلُ فَأَعظَموا ذلِكَ .
فَقيلَ لِعُبَيدِ اللّهِ : هذِه مَذحِجٌ بِالبابِ ! فَقالَ لِشُرَيحٍ القاضي : اُدخُل عَلى صاحِبِهِم فَانظُر إلَيهِ ، ثُمَّ اخرُج فَأَعلِمهُم أنَّهُ حَيٌّ لَم يُقتَل ، وأنَّكَ قَد رَأَيتَهُ ، فَدَخَلَ إلَيهِ شُرَيحٌ فَنَظَرَ إلَيهِ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَنِي الصَّقعَبُ بنُ زُهَيرٍ عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ شُرَيحٍ ، قالَ : سَمِعتُهُ يُحَدِّثُ إسماعيلَ بنَ طَلحَةَ ، قالَ : دَخَلتُ عَلى هانِئٍ ، فَلَمّا رَآني قالَ : يا لَلّهِ ، يا لَلمُسلِمينَ ! أهَلَكَت عَشيرَتي ؟ فَأَينَ أهلُ الدّينِ ؟ وأينَ أهلُ المِصرِ ؟ تَفاقَدوا ! يُخَلّوني وعَدُوَّهُم وَابنَ عَدُوِّهِم ! وَالدِّماءُ تَسيلُ عَلى لِحيَتِهِ ، إذ سَمِعَ الرَّجَّةَ عَلى بابِ القَصرِ ، وخَرَجتُ وَاتَّبَعَني ، فَقالَ : يا شُرَيحُ ، إنّي لَأَظُنُّها أصواتَ مَذحِجٍ ، وشيعَتي مِنَ المُسلِمينَ ، إن دَخَلَ عَلَيَّ عَشرَةُ نَفَرٍ أنقَذوني .
قالَ : فَخَرَجتُ إلَيهِم ومَعي حُمَيدُ بنُ بُكَيرٍ الأَحمَرِيُّ ، أرسَلَهَ مَعيَ ابنُ زِيادٍ ، وكانَ مِن شُرَطِهِ ، مِمَّن يَقومُ عَلى رَأسِهِ ، وَايمُ اللّهِ ، لَولا مَكانُهُ مَعي ، لَكُنتُ أبلَغتُ أصحابَهُ ما أمَرَني بِهِ .
فَلَمّا خَرَجتُ إلَيهِم قُلتُ : إنَّ الأَميرَ لَمّا بَلَغَهُ مَكانُكُم ومَقالَتُكُم في صاحِبِكُم ، أمَرَني بِالدُّخولِ إلَيهِ ، فَأَتَيتُهُ فَنَظَرتُ إلَيهِ ، فَأَمَرني أن ألقاكُم وأن اُعلِمَكُم أنَّهُ حَيٌّ ، وأنَّ الَّذي بَلَغَكُم مِن قَتلِهِ كانَ باطِلاً ، فَقالَ عَمرٌو وأصحابُهُ : فَأَمّا إذ لَم يُقتَل فَالحَمدُ للّهِِ ، ثُمَّ انصَرَفوا. ۱

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۸ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۴۶ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۰ وليس فيه ذيله من «وجعلوا عليه حرسا» ، الملهوف : ص ۱۱۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۴ وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۳۰ ومقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۲ والفتوح : ج ۵ ص ۴۴ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۲ والبداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۴ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۲.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
120

إلَيهِ أبَدا ، فَسَمِعَ ابنُ زِيادٍ ذلِكَ ، فَقالَ : أدنوهُ مِنّي ، فَأَدنَوهُ مِنهُ ، فَقالَ : وَاللّهِ لَتَأتِيَنّي بِهِ أو لَأَضرِبَنَّ عُنُقَكَ . قالَ : إذا تَكثُرَ البارِقَةُ ۱ حَولَ دارِكَ . فَقالَ : والَهفا عَلَيكَ ، أبِالبارِقَةِ تُخَوِّفُني ؟ وهُوَ يَظُنَّ أنَّ عَشيرَتَهُ سَيَمنَعونَهُ .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : أدنوهُ مِنّي ، فَاُدنِيَ ، فَاستَعرَضَ وَجهَهُ بِالقَضيبِ ، فَلَم يَزَل يَضرِبُ أنفَهُ وجَبينَهُ وخَدَّهُ ، حَتّى كَسَرَ أنفَهُ وسَيَّلَ الدِّماءَ عَلى ثِيابِهِ ، ونَثَرَ لَحمَ خَدَّيهِ وجَبينِهِ عَلى لِحيَتِهِ ، حَتّى كُسِرَ القَضيبُ ، وضَرَبَ هانِئٌ بِيَدِهِ إلى قائِمِ سَيفِ شُرطِيٍّ مِن تِلكَ الرِّجالِ ، وجابَذَهُ ۲ الرَّجُلُ ومُنِعَ .
فَقالَ عُبَيدُ اللّهِ : أحَرورِيٌّ سائِرَ اليَومِ ، أحلَلتَ بِنَفسِكَ ! قَد حَلَّ لَنا قَتلُكَ ، خُذوهُ فَأَلقوهُ في بَيتٍ مِن بُيوتِ الدّارِ ، وأغلِقوا عَلَيهِ بابَهُ ، وَاجعَلوا عَلَيهِ حَرَسا . فَفُعِلَ ذلِكَ بِهِ .
فَقامَ إلَيهِ أسماءُ بنُ خارِجَةَ ، فَقالَ : أ رُسُلُ غَدرٍ سائِرَ اليَومِ ؟ أمَرتَنا أن نَجيئَكَ بِالرَّجُلِ ، حَتّى إذا جِئناكَ بِهِ ، وأدخَلناهُ عَلَيكِ ، هَشَمتَ وَجهَهُ ، وسَيَّلتَ دَمَهُ عَلى لِحيَتِهِ ، وزَعَمتَ أنَّكَ تَقتُلُهُ !
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللّهِ : وإنَّكَ لَهاهُنا ! فَأَمَرَ بِهِ فَلُهِزَ ۳ وتُعتِعَ ۴ بِهِ ، ثُمَّ تُرِكَ فَحُبِسَ . وأمّا مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ ، فَقالَ : قَد رَضينا بِما رَأَى الأَميرُ ، لَنا كانَ أم عَلَينا ، إنَّمَا الأَميرُ مُؤَدِّبٌ !
وبَلَغَ عَمرَو بنَ الحَجّاجِ أنَّ هانِئا قَد قُتِلَ ، فَأَقبَلَ في مَذحِجٍ حَتّى أحاطَ بِالقَصرِ ،

1.البارِقَةُ : السيوف (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۵ «برق») .

2.جَبَذَهُ جَبْذا : مثل جَذَبَه جَذْبا (المصباح المنير : ص ۸۹ «جبذ») .

3.اللَّهزُ : الضرب بجمع اليد في الصدر (الصحاح : ج ۳ ص ۸۹۵ «لهز») .

4.التَّعْتَعَةُ : الحركة العنيفة ، وقد تعتعه : إذا عتله وأقلقه (لسان العرب : ج ۸ ص ۳۵ «تعع») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8451
صفحه از 458
پرینت  ارسال به