ومَعَهُ جَمعٌ عَظيمٌ ، ثُمَّ نادى : أنَا عَمرُو بنُ الحَجّاجِ ، هذِهِ فُرسانُ مَذحِجٍ ووُجوهُها ، لَم تَخلَع طاعَةً ولَم تُفارِق جَماعَةً ، وقَد بَلَغَهُم أنَّ صاحِبَهُم يُقتَلُ فَأَعظَموا ذلِكَ .
فَقيلَ لِعُبَيدِ اللّهِ : هذِه مَذحِجٌ بِالبابِ ! فَقالَ لِشُرَيحٍ القاضي : اُدخُل عَلى صاحِبِهِم فَانظُر إلَيهِ ، ثُمَّ اخرُج فَأَعلِمهُم أنَّهُ حَيٌّ لَم يُقتَل ، وأنَّكَ قَد رَأَيتَهُ ، فَدَخَلَ إلَيهِ شُرَيحٌ فَنَظَرَ إلَيهِ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَنِي الصَّقعَبُ بنُ زُهَيرٍ عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ شُرَيحٍ ، قالَ : سَمِعتُهُ يُحَدِّثُ إسماعيلَ بنَ طَلحَةَ ، قالَ : دَخَلتُ عَلى هانِئٍ ، فَلَمّا رَآني قالَ : يا لَلّهِ ، يا لَلمُسلِمينَ ! أهَلَكَت عَشيرَتي ؟ فَأَينَ أهلُ الدّينِ ؟ وأينَ أهلُ المِصرِ ؟ تَفاقَدوا ! يُخَلّوني وعَدُوَّهُم وَابنَ عَدُوِّهِم ! وَالدِّماءُ تَسيلُ عَلى لِحيَتِهِ ، إذ سَمِعَ الرَّجَّةَ عَلى بابِ القَصرِ ، وخَرَجتُ وَاتَّبَعَني ، فَقالَ : يا شُرَيحُ ، إنّي لَأَظُنُّها أصواتَ مَذحِجٍ ، وشيعَتي مِنَ المُسلِمينَ ، إن دَخَلَ عَلَيَّ عَشرَةُ نَفَرٍ أنقَذوني .
قالَ : فَخَرَجتُ إلَيهِم ومَعي حُمَيدُ بنُ بُكَيرٍ الأَحمَرِيُّ ، أرسَلَهَ مَعيَ ابنُ زِيادٍ ، وكانَ مِن شُرَطِهِ ، مِمَّن يَقومُ عَلى رَأسِهِ ، وَايمُ اللّهِ ، لَولا مَكانُهُ مَعي ، لَكُنتُ أبلَغتُ أصحابَهُ ما أمَرَني بِهِ .
فَلَمّا خَرَجتُ إلَيهِم قُلتُ : إنَّ الأَميرَ لَمّا بَلَغَهُ مَكانُكُم ومَقالَتُكُم في صاحِبِكُم ، أمَرَني بِالدُّخولِ إلَيهِ ، فَأَتَيتُهُ فَنَظَرتُ إلَيهِ ، فَأَمَرني أن ألقاكُم وأن اُعلِمَكُم أنَّهُ حَيٌّ ، وأنَّ الَّذي بَلَغَكُم مِن قَتلِهِ كانَ باطِلاً ، فَقالَ عَمرٌو وأصحابُهُ : فَأَمّا إذ لَم يُقتَل فَالحَمدُ للّهِِ ، ثُمَّ انصَرَفوا. ۱