فَأَخَذَ بَيعَتَهُ قَبلَ أن يَبرَحَ ، وأخَذَ عَلَيهِ المَواثيقَ المُغَلَّظَةَ ، لَيُناصِحَنَّ ولَيَكتُمَنَّ ، فَأَعطاهُ مِن ذلِكَ ما رَضِيَ بِهِ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : اِختَلِف إلَيَّ أيّاما في مَنزِلي ، فَأَنَا طالِبٌ لَكَ الإِذنَ عَلى صاحِبِكَ . فَأَخَذَ يَختَلِفُ مَعَ النّاسِ ، فَطَلَبَ لَهُ الإِذنَ ... .
ثُمَّ إنَّ مَعقِلاً ـ مَولَى ابنِ زِيادٍ الَّذي دَسَّهُ بِالمالِ إلَى ابنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ ـ اختَلَفَ إلى مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ أيّاما ، لِيُدخِلَهُ عَلَى ابنِ عَقيلٍ ، فَأَقبَلَ بِهِ حَتّى أدخَلَهُ عَلَيهِ بَعدَ مَوتِ شَريكِ بنِ الأَعوَرِ ، فَأَخبَرَهُ خَبَرَهُ كُلَّهُ ، فَأَخَذَ ابنُ عَقيلٍ بَيعَتَهُ ، وأمَرَ أبا ثُمامَةَ الصائِدِيَّ فَقَبَضَ مالَهُ الَّذي جاءَ بِهِ .
وهُوَ [أي أبو ثُمامَةَ] الَّذي كانَ يَقبِضُ أموالَهُم ، وما يُعينُ بِهِ بَعضُهُم بَعضا ، يَشتَري لَهُمُ السِّلاحَ ، وكانَ بِهِ بَصيرا ، وكانَ مِن فُرسانِ العَرَبِ ووُجوهِ الشّيعَةِ .
وأقبَلَ ذلِكَ الرَّجُلُ يَختَلِفُ إلَيهِم ، فَهُوَ أوَّلُ داخِلٍ وآخِرُ خارِجٍ ، يَسمَعُ أخبارَهُم ويَعلَمُ أسرارَهُم ، ثُمَّ يَنطَلِقُ بِها حَتّى يَقِرَّها في اُذُنِ ابنِ زِيادٍ. ۱
۱۱۳۵.تاريخ الطبري عن عمّار الدهني عن أبي جعفر[ الباقر ] عليه السلام :دَعا [ابنُ زِيادٍ ]مَولىً لَهُ فَأَعطاهُ ثَلاثَةَ آلافٍ ، وقالَ لَهُ : اِذهَب حَتّى تَسأَلَ عَنِ الرَّجُلِ الَّذي يُبايِعُ لَهُ أهلُ الكوفَةِ ، فَأَعلِمهُ أنَّكَ رَجُلٌ مِن أهلِ حِمصَ ، جِئتَ لِهذَا الأَمرِ ، وهذا مالٌ تَدفَعُهُ إلَيهِ لِيَتَقَوّى . فَلَم يَزَل يُتَلَطَّفُ ويُرفَقُ بِهِ حَتّى دُلَّ عَلى شَيخٍ مِن أهلِ الكوفَةِ يَلِي البَيعَةَ ، فَلَقِيَهُ فَأَخبَرَهُ .
فَقالَ لَهُ الشَّيخُ : لَقَد سَرَّني لِقاؤُكَ إيّايَ وقَد ساءَني ، فَأَمّا ما سَرَّني مِن ذلِكَ ، فَما هَداكَ اللّهُ لَهُ ، وأمّا ما ساءَني ، فَإِنَّ أمرَنا لَم يَستَحكِم بَعدُ ؛ فَأَدخَلَهُ إلَيهِ فَأَخذَ مِنهُ