111
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

قبله هو نفسه وأعوانه ، بهدف تبرير إقدامهم ضدّ مسلم عليه السلام وزعماء القبائل الموالين له .
وإذا لم نأخذ بالتحليل المذكور واعتبرنا المخطّط المذكور حقيقياً ، فإنّ الرواية الثانية والتيتفيد اكتشاف ابن زياد للمخطّط عن طريق القرائن ، أو الرواية الثالثة التي تصرّح بأنّ امرأة حالت دون تنفيذه في دار هاني ، أقرب إلى الصحّة .
وأمّا صحّة الروايات الاُخرى التي تفيد أنّ مسلماً عليه السلام انثنى عن عزمه على قتل ابن زياد عند تذكّره لحديث «الفتك» فإنّها مستبعدة للغاية ، بل يمكن القول إنّها إهانة لمسلم عليه السلام . وهل يمكن القول : إنّ سفير الإمام عليه السلام لم يكن يعلم بحكم المخطّط المذكور عند التصميم له ، ثمّ ينثني عن عزمه عند تنفيذه لتذكّره حديث «الفتك»؟!
على أنّ سائر ماجاء في الروايات المذكورة في سبب امتناع مسلم عليه السلام عن تنفيذ مخطّط الاغتيال ، يبلغ من الوهن والضعف حدّاً يجعله لا يستحقّ النقد .
وممّا يجدر ذكره أنّ البلاذري ذكر رواية اُخرى حول محاولة اغتيال ابن زياد على يد عمّار بن أبي سلامة ، ولكنّه فشل هو الآخر ، وهذا هو نصّ الرواية :
وهمّ عمار بن أبي سلامة الدالاني أن يفتك بعبيد اللّه بن زياد في عسكره بالنخيلة ۱ فلم يمكنه ذلك ، فلطف حتّى لحق بالحسين عليه السلام فقُتل معه . ۲

1.راجع : الخريطة الرقم ۴ في آخر المجلّد ۴ .

2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۸ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
110

أن يتمّ ذلك في داره ، والآخر : الحديث الذي نقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله :
إنَّ الإيمانَ قَيَّدَ الفَتكَ ، ولا يَفتِكُ مُؤمِنٌ . ۱
وقد جاء في بعض الروايات أنّ مسلماً ذكر أنّ سبب امتناعه هو الحديث المشار إليه فحسب . ۲
وجاء في رواية اُخرى أنّ مسلماً اعتبر أنّ سبب امتناعه إنّما هو كراهة هاني لذلك . ۳
وجاء في نقل آخر أنّ مسلماً أشار إلى عاملين لتبرير عمله : الأوّل حديث «الفتك» ، والآخر أنّه لم يكن يرغب في أن يتمّ هذا العمل في دار شريك بن الأعور . ۴
ومن خلال التأمّل في هذه الروايات المتناقضة ، فإنّ الملاحظة الاُولى التي تتبادر إلى الذهن هي كونها منتحلة كلّها ، للأسباب التالية :
أوّلاً : مجيء ابن زياد إلى بيوت محبّي مسلم يعني وضع نفسه في معرض الخطر ، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الدهاء السياسي لابن زياد وأوضاع الكوفة المتأزّمة، فإنّه لايمكن تصديق وقوع هذا التصرّف غير المحتاط من قبله ، خاصّة وإنّه كان يعلم من خلال جاسوسه أنّ مسلماً مختبئ في دار هاني .
ثانياً : تعدّ السرّية أهمّ شروط تنفيذ مخطّط الاغتيال ، وهذا المعنى يتنافى مع تواجد ثلاثين رجلاً لا ضرورة لجلبهم لاغتيال شخص واحد .
ثالثاً : إذا كان مخطّط اغتيال ابن زياد حقيقياً ، فإنّ التدبير السياسي والأمني كان يقتضي أن يوكل تنفيذه إلى شخص غير مسلم الذي كان يتولّى قيادة ثورة الكوفة .
وعلى هذا الأساس يمكن القول : إنّ مخطّط اغتيال ابن زياد كان مفتعلاً ومنتحلاً من

1.جاء في الكامل في التاريخ : ج۲ ص۵۳۸ : «فلا يفتك مؤمن بمؤمن» وراجع : ص۱۰۰ ح۱۱۲۲ وص۱۰۳ ح۱۱۲۴ .

2.راجع : ص۱۰۴ ح۱۱۲۶ .

3.راجع : ص۱۰۵ ح۱۱۲۹ .

4.راجع : ص۱۰۷ ح۱۱۳۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8373
صفحه از 458
پرینت  ارسال به