ورَجَعَ إلَى القَصرِ .
وخَرَجَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ إلى شَريكِ بنِ عَبدِ اللّهِ مِن داخِلِ الدّارِ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : يا مَولايَ ! جُعِلتُ فِداكَ ! مَا الَّذي مَنَعَكَ مِنَ الخُروجِ إلَى الفاسِقِ ، وقَد كُنتُ أمَرتُكَ بِقَتلِهِ ، وشَغَلتُهُ لَكَ بِالكَلامِ ؟!
فَقالَ : مَنَعَني مِن ذلِكَ حَديثٌ سَمِعتُهُ مِن عَمّي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام أنَّهُ قالَ : «الإيمانُ قَيَّدَ الفَتكَ» ، فَلَم اُحِبَّ أن أقتُلَ عُبَيدَ اللّهِ بنَ زِيادٍ في مَنزِلِ هذَا الرَّجُلِ . فَقالَ لَهُ شَريكٌ : وَاللّهِ لَو قَتَلتَهُ ، لَقَتَلتَ فاسِقا فاجِرا مُنافِقا .
قالَ : ثُمَّ لَم يَلبَث شَريكُ بنُ عَبدِ اللّهِ إلّا ثَلاثَةَ أيّامٍ حَتّى ماتَ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ وكانَ مِن خِيارِ الشّيعَةِ ، غَيرَ أنَّهُ يَكتُمُ ذلِكَ إلّا عَمَّن يَثِقُ بِهِ مِن إخوانِهِ .
قالَ : وخَرَجَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ فَصَلّى عَلَيهِ ، ورَجَعَ إلى قَصرِهِ . ۱
۱۱۲۵.مثير الأحزان :نَزَلَ [مُسلِمٌ] دَارَ هانِي بنِ عُروَةَ ، وَاختَلَفَ إلَيهِ الشّيعَةُ ، وألَحَّ عُبَيدُ اللّهِ في طَلَبِهِ ، ولا يَعلَمُ أينَ هُوَ ، وكانَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ الهَمدانِيُّ قَدِمَ مِنَ البَصرَةِ مَعَ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، ونَزَلَ دارَ هانِي بنِ عُروَةَ ، وكانَ شَريكٌ مِن مُحِبّي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وشيعَتِهِ ، عَظيمَ المَنزِلَةِ ، جَليلَ القَدرِ ، فَمَرِضَ وسَأَلَ عُبَيدُ اللّهِ عَنهُ ، فَاُخبِرَ أنَّهُ مَوعوكٌ ، فَأَرسَلَ ابنُ زِيادٍ إلَيهِ : إنّي رائِحٌ إلَيكَ في هذِهِ اللَّيلَةِ لِعِيادَتِكَ .
فَقالَ شَريكٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : يَابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ ، إنَّ ابنَ زِيادٍ يُريدُ عِيادَتي ، فَادخُل بَعضَ الخَزائِنِ ، فَإِذا جَلَسَ فَاخرُج وَاضرِب عُنُقَهُ ، وأنَا أكفيكَ أمرَ مَن بِالكوفَةِ مَعَ العافِيَةِ .
وكانَ مُسلِمٌ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ شُجاعا مِقداما جَسورا ، فَفَعَلَ ما أشارَ بِهِ شَريكٌ ،