101
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

فَاخرُج إلَيهِ فَقاتِلهُ ۱ ، ثُمَّ صِر إلى قَصرِ الإِمارَةِ فَاجلِس فيهِ ؛ فَإِنَّهُ لا يُنازِعُكَ فيه أحَدٌ مِنَ النّاسِ ، وإن رَزَقنِيَ اللّهُ العافِيَةَ صِرتُ إلَى البَصرَةِ ، فَكَفَيتُكَ أمرَها ، وبايَعَ لَكَ أهلُها .
فَقالَ هانِئُ بنُ عُروَةَ : ما اُحِبُّ أن يُقتَلَ في دارِي ابنُ زِيادٍ .
فَقالَ لَهُ شَريكٌ : ولِمَ ، فَوَاللّهِ إنَّ قَتلَهُ لَقُربانٌ إلَى اللّهِ ؟! ثُمَّ قالَ شَريكٌ لِمُسلِمٍ : لا تُقَصِّر في ذلِكَ .
فَبَينَما هُم عَلى ذلِكَ إذ قيلَ لَهُم : الأَميرُ بِالبابِ . فَدَخَلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ الخِزانَةَ ، ودَخَلَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ عَلى شَريكٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، وقالَ : مَا الَّذي تَجِدُ وتَشكو ؟ فَلَمّا طالَ سُؤالُهُ إيّاهُ استَبطَأَ شَريكٌ خُروجَ مُسلِمٍ ، وجَعَلَ يَقولُ ، ويُسمِعُ مُسلِما :

ما تَنظُرونَ بِسَلمى عِندَ فُرصَتِهافَقَد وَفى وُدُّها واستَوسَقَ الصَّرَمُ
وجَعَلَ يُرَدِّدُ ذلِكَ . فَقالَ ابنُ زِيادٍ لِهانِئٍ : أيهَجُرُ ؟ ـ يَعني يَهذي ـ . قالَ هانِئٌ : نَعَم ، أصلَحَ اللّهُ الأَميرَ ! لَم يَزَل هكَذا مُنذُ أصبَحَ . ثُمَّ قامَ عُبَيدُ اللّهِ وخَرَجَ ، فَخَرَجَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ مِنَ الخِزانَةِ .
فَقالَ شَريكٌ : مَا الَّذي مَنَعَكَ مِنهُ إلَا الجُبنُ وَالفَشَلُ !
قالَ مُسلِمٌ : مَنَعَني مِنهُ خَلَّتانِ : إحداهُما كَراهِيَةُ هانِئٍ لِقَتلِهِ في مَنزِلِهِ ، وَالاُخرى قَولُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إنَّ الإيمان قَيَّدَ الفَتكَ ، لا يَفتِكُ مُؤمِنٌ .
فَقالَ شَريكٌ : أمَا وَاللّهِ لَو قَتَلتَهُ لَاستَقامَ لَكَ أمرُكَ ، وَاستَوسَقَ ۲ لَكَ سُلطانُكَ . ولَم يَعِش شَريكٌ بَعدَ ذلِكَ إلّا أيّاما حَتّى تُوُفِّيَ ، وشَيَّعَ ابنُ زِيادٍ جَنازَتَهُ ، وتَقَدَّمَ فَصَلّى عَلَيهِ .

1.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب «فاقتُله» .

2.استوسق عليه الأمر : أي اجتمعوا على طاعته ، واستقرّ الملك فيه (النهاية : ج ۵ ص ۱۸۵ «وسق») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
100

إنَّ الإيمانَ قَيَّدَ الفَتكَ ۱ ، ولا يَفتِكُ مُؤمِنٌ . ۲
فَقالَ هانِئٌ : أمَا وَاللّهِ لَو قَتَلتَهُ لَقَتَلتَ فاسِقا فاجِرا كافِرا غادِرا ، ولكن كَرِهتُ أن يُقتَلَ في داري ، ولَبِثَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ بَعدَ ذلِكَ ثَلاثا ثُمَّ ماتَ .
فَخَرَجَ ابنُ زِيادٍ فَصَلّى عَلَيهِ ، وبَلَغ عُبَيدَ اللّهِ بَعدَما قَتَلَ مُسلِما وهانِئا ، أنَّ ذلِكَ الَّذي كُنتَ سَمِعتَ مِن شَريكٍ في مَرَضِهِ ، إنَّما كانَ يُحَرِّضُ مُسلِما ويَأمُرُهُ بِالخُروجِ إلَيكَ لِيَقتُلَكَ ، فَقالَ عُبَيدُ اللّهِ : وَاللّهِ لا اُصَلّي عَلى جَنازَةِ رَجُلٍ مِن أهلِ العِراقِ أبَدا ، ووَاللّهِ لَولا أنَّ قَبرَ زِيادٍ فيهِم لَنَبَشتُ شَريكا . ۳

۱۱۲۳.الأخبار الطوال :كانَ هانِئُ بنُ عُروَةَ مُواصِلاً لِشَريكِ بنِ الأَعوَرِ البَصرِيِّ الَّذي قامَ ۴ مَعَ ابنِ زِيادٍ ، وكانَ ذا شَرَفٍ بِالبَصرَةِ وخَطَرٍ ، فَانطَلَقَ هانِئٌ إلَيهِ حَتّى أتى بِهِ مِنزِلَهُ ، وأنزَلَهُ مَعَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ فِي الحُجرَةِ الَّتي كانَ فيها . وكانَ شَريكٌ مِن كِبارِ الشّيعَةِ بِالبَصرَةِ ، فَكانَ يَحُثُّ هانِئا عَلَى القِيامِ بِأَمرِ مُسلِمٍ ، وجَعَلَ مُسلِمٌ يُبايِعُ مَن أتاهُ منِ أهلِ الكوفَةِ ، ويَأخُذُ عَلَيهِمُ العُهودَ وَالمَواثيقَ المُؤَكَّدَةَ بِالوَفاءِ .
ومَرِضَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ في مَنزِلِ هانِئِ بنِ عُروَةَ مَرَضا شَديدا ، وبَلَغَ ذلِكَ عُبَيدَ اللّهِ بنَ زِيادٍ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ يُعلِمُهُ أنَّهُ يَأتيهِ عائِدا .
فَقالَ شَريكٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : إنَّما غايَتُكَ وغايَةُ شيعَتِكَ هَلاكُ هذَا الطّاغِيَةِ ، وقَد أمكَنَكَ اللّهُ مِنهُ ، هُوَ صائِرٌ إلَيَّ لِيعودَني ، فَقُم فَادخُلِ الخِزانَةَ حَتّى إذَا اطمَأَنَّ عِندي ،

1.الفَتك ، أن يأتي الرجل صاحبه وهو غارٌّ غافلٌ فيشُدّ عليه فيقتله (النهاية : ج ۳ ص ۴۰۹ «فتك») .

2.وزاد في الكامل في التاريخ: «بمؤمن».

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۷ وفيه «عمارة بن عبد السلولي» و«حدّثه عليّ عليه السلام » بدل «حدّثه الناس» ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۱ وليس فيه ذيله من «ولكن كرهت» وكلاهما نحوه ؛ بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۴ .

4.كذا في المصدر : والظاهر أنّ الصواب : «الذي قدمَ مع ابن زياد» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8465
صفحه از 458
پرینت  ارسال به