25
الخير و البركة في الكتاب و السنّة

أمر اللّه‏ سبحانه، بموجب هذه الآية الكريمة، أن تكون بين المسلمين على الدوام فئة تدعو الناس إلى مطلق الخير وضروب البرّ والإحسان، وتأمر بالتزام مطلق «المعروف»، كما تنهى عن مطلق «الشرّ» وضروب السيّئات وألوان الإثم وتردع عن مطلق «المنكر».

النقطة الجديرة بالانتباه، أنّ القرآن الكريم سمّى الخير وضروب المكارم والإحسان معروفا، وفي المقابل سمّى الشرور والسيّئات منكرا ؛ ممّا يعني أنّ الفطرة الإنسانية السليمة تعرف الخير وتسكن إليه وتألفه، على حين هي غريبة عن الشرّ.۱

ثمّ هاهنا نقطة اُخرى تتمثّل في أنّ جميع معالم الإسلام العقيدية وبرامجه الأخلاقية وخططه العملية، تنتظم في إطار الخير والمعروف، وأنّ جميع ما يرفضه الإسلام وينكره يقع في إطار الشرّ والمنكر، ومن ثَمَّ ستكون أقصر كلمة في تعريف الإسلام، هي القول بأنّه: دعوة إلى المكارم وزجر عن السيّئات.

الدعوة إلى مطلق الإحسان

تنطوي كلمة الإحسان في منظور الرؤية القرآنيّة والحديثية على معنىً واسع يمتدّ ليشمل الخير في جميع المضامير والمجالات۲، والإسلام بدوره دعا المجتمع الإنساني إلى مطلق ألوان الخير وضروب البرّ كافّة:

«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الاْءِحْسَنِ».۳

ومن منظور الإمام عليّ عليه‏السلام كلّ ما يُطلق عليه «معروف» ينطبق عليه لفظ

1.. راجع : ح ۱ الهامش .

2.. راجع : ح ۱ ـ ۶ تفسير الإحسان .

3.. النحل : ۹۰ .


الخير و البركة في الكتاب و السنّة
24

هذه الهداية، هي هداية الفطرة التي عبّر عنها القرآن في آية اُخرى ب «الإلهام» حيث قوله سبحانه:

«وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّلهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَلهَا».۱

إنّ إلهام التقوى هو تعبير عن الهداية الفطرية نفسها الدالّة على معرفة طريق الخير، كما أنّ إلهام الفجور هو بنفسه تعبير عن معرفة الشرّ. فاللّه‏ سبحانه خلق الإنسان على نحو يستطيع معه أن يميّز الخير والشرّ، والتقوى والفجور، ومن ثَمَّ ما من إنسان إلاّ وهو يعرف أنّ العدل حَسن وخير، وأنّ الظلم قبيح وشرّ ؛ وأنّ الإحسان إلى الآخرين خير، والعدوان على حقوق الناس شرّ.

لو سُلب الإنسان هذه المعرفة وخلّي بينه وبين هذا الوعي، لكان ذلك ـ في الواقع ـ سلبا لإنسانيّته، بحيث يغدو بمنزلة البهيمة لا فرق بينه وبين سائر الحيوانات. من هذا المنطلق جاء عن الإمام عليّ عليه‏السلام قوله:

۰.«مَن لَم يَعرِفِ الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنزِلَةِ البَهيمَةِ».۲

الدعوة إلى مطلق الخير والمعروف

استنادا إلى فطرية الخير وبداهة معاني المعروف والبرّ والإحسان، تبنّى القرآن الكريم دعوة الناس إلى هذه المعاني على نحو مطلق ومن دون أي قيد أو شرط:

«وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».۳

1.. الشمس : ۷ و ۸ .

2.. راجع : ح ۲ .

3.. آل عمران : ۱۰۴ .

  • نام منبع :
    الخير و البركة في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد التقديري
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2295
صفحه از 360
پرینت  ارسال به