153
الخير و البركة في الكتاب و السنّة

وَ زِيَادَةٌ»۱ ؛ فَالحُسنى هِيَ الجَنَّةُ، وَالزِّيادَةُ هِيَ الدُّنيا.
(وإمّا لِخَيرِ الآخِرَةِ) فَإِنَّ اللّهَ عز و جل يُكَفِّرُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَيِّئَةً، قالَ اللّهُ عز و جل: «إِنَّ الْحَسَنَتِ يُذْهِبْنَ السَّئِّاتِ ذَ لِكَ ذِكْرَى لِلذَّ كِرِينَ»۲ حَتّى إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ حُسِبَت لَهُم حَسَناتُهُم ثُمَّ أعطاهُم بِكُلِّ واحِدَةٍ عَشرَ أمثالِهِم إلى سَبعِمِائَةِ ضِعفٍ، قالَ اللّهُ عز و جل: «جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابًا»۳ قالَ...: «فَأُوْلَئكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَ هُمْ فِى الْغُرُفَتِ ءَامِنُونَ».۴
فَارغَبوا في هذا ـ رَحِمَكُمُ اللّهُ ـ وَاعمَلوا لَهُ وتَحاضّوا عَلَيهِ. وَاعلَموا يا عِبادَ اللّهِ أنَّ المُتَّقينَ حازوا عاجِلَ الخَيرِ وآجِلَهُ، شارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهُم ولَم يُشارِكهُم أهلُ الدُّنيا في آخِرَتِهِم، أباحَهُمُ اللّهُ مِنَ الدُّنيا ما كَفاهُم وبِهِ أغناهُم.
قالَ اللّهُ ـ عَزَّ اسمُهُ ـ: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِى وَ الطَّيِّبَتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَمَةِ كَذَ لِكَ نُفَصِّلُ الأَْيَتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»۵. سَكَنُوا الدُّنيا بِأَفضَلِ ما سُكِنَت وأكَلوها بِأَفضَلِ ما اُكِلَت، شارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهُم فَأَكَلوا مَعَهُم مِن طَيِّباتِ ما يَأكُلونَ، وشَرِبوا مِن طَيِّباتِ ما يَشرَبونَ، ولَبِسوا مِن أفضَلِ ما يَلبَسونَ، وسَكَنوا مِن أفضَلِ ما يَسكُنونَ، وتَزَوَّجوا مِن أفضَلِ ما يَتَزَوَّجونَ، ورَكِبوا مِن أفضَلِ ما يَركَبونَ، أصابوا لَذَّةَ الدُّنيا مَعَ أهلِ الدُّنيا، وهُم غَدا مِن جيرانِ اللّهِ يَتَمَنَّونَ عَلَيهِ، فَيُعطيهِم ما تَمَنَّوهُ، ولا يَرُدُّ لَهُم دَعوَةً، ولا يَنقُصُ لَهُم

1.. يونس : ۲۶ .

2.. هود : ۱۱۴ .

3.. النبأ : ۳۶ .

4.. سبأ : ۳۷ .

5.. الأعراف : ۳۲ .


الخير و البركة في الكتاب و السنّة
152

اللّهِ أنَّ المُتَّقينَ ذَهَبوا بِعاجِلِ الدُّنيا وآجِلِ الآخِرَةِ ؛ فَشارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهُم، ولَم يُشارِكوا أهلَ الدُّنيا في آخِرَتِهِم. سَكَنُوا الدُّنيا بِأَفضَلِ ما سُكِنَت، وأكَلوها بِأَفضَلِ ما اُكِلَت ؛ فَحَظوا مِنَ الدُّنيا بِما حَظِيَ بِهِ المُترَفونَ، وأخَذوا مِنها ما أخَذَهُ الجَبابِرَةُ المُتَكَبِّرونَ، ثُمَّ انقَلَبوا عَنها بِالزّادِ المُبَلِّغِ وَالمَتجَرِ الرّابِحِ. أصابوا لَذَّةَ زُهدِ الدُّنيا في دُنياهُم، وتَيَقَّنوا أنَّهُم جيرانُ اللّهِ غَدا في آخِرَتِهِم. لا تُرَدُّ لَهُم دَعوَةٌ، ولا يَنقُصُ لَهُم نَصيبٌ مِن لَذَّةٍ.۱

۵۵۲.عنه عليه‏السلام ـ في عَهدِهِ إلى مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ لَمّا وَلاّهُ مِصرَ ـ: عَلَيكُم بِتَقوَى اللّهِ عز و جل فَإِنَّها تَجمَعُ مِنَ الخَيرِ ما لا يَجمَعُ غَيرُها، ويُدرَكُ بِها مِنَ الخَيرِ ما لا يُدرَكُ بِغَيرِها مِن خَيرِ الدُّنيا وخَيرِ الآخِرَةِ.
قالَ اللّهُ عز و جل: «وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ لَدَارُ الْأَخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ».۲ اِعلَموا يا عِبادَ اللّهِ أنَّ المُؤمِنَ يَعمَلُ لِثَلاثٍ مِنَ الثَّوابِ:
إمّا لِخَيرِ (الدُّنيا) فَإِنَّ اللّهَ يُثيبُهُ بِعَمَلِهِ في دُنياهُ، قالَ اللّهُ سُبحانَهُ لاِءِبراهيمَ: «وَ ءَاتَيْنَهُ أَجْرَهُو فِى الدُّنْيَا وَ إِنَّهُو فِى الْأَخِرَةِ لَمِنَ الصَّلِحِينَ»۳. فَمَن عَمِلَ لِلّهِ تَعالى أعطاهُ أجرَهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ، وكَفاهُ المُهِمَّ فيهِما، وقَد قالَ اللّهُ عز و جل: «يَعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ وَ سِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ»۴، فَما أعطاهُمُ اللّهُ فِي الدُّنيا لَم يُحاسِبهُم بِهِ فِي الآخِرَةِ، قالَ اللّهُ عز و جل: «لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى

1.. نهج البلاغة : الكتاب ۲۷ ، بحار الأنوار : ۳۳ / ۵۸۱ / ۷۲۶ .

2.. النحل : ۳۰ .

3.. العنكبوت : ۲۷ .

4.. الزمر : ۱۰ .

  • نام منبع :
    الخير و البركة في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد التقديري
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2711
صفحه از 360
پرینت  ارسال به