675
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

ما يلي : «مجموع هذه التناقضات يؤيد كون هذه القصّة ملفّقة . ويبدو أنّ قصّة قطام قد ابتدعت ورُبطت بقصّة أولئك الثلاثة لكي تتقبلها الأذهان أكثر» .
يبدو أنّ على الباحث الذي يريد الاقتراب من الحقيقة عند تتبّع واقعة قتل الإمام ومعرفة مسبّبيها أن يبحث في دور الخوارج ومعاوية وقطام في قتل الإمام كلّاً على حدة :

۱ . دور الخوارج

دور الخوارج في مؤامرة قتل الإمام عليٍّ عليه السلام من مسلّمات التاريخ الإسلامي ولا يمكن إنكارها . وقد أذعن الخوارج أنفسهم لهذه الحقيقة . فقد نظم عمران بن حطان قصيدة في الثناء على عمل ابن ملجم جاء فيها :

يا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادِ بِهَاإلّا لِيَبلُغَ مِنْ ذِيِ العَرشِ رِضْوَانَا
إنّي لَأَذكُرُهُ حِينا فَأَحْسِبُهُأَوفَى البَرِيَّةِ عِندَ اللّهِ مِيزانَا ۱
وقال ابن أبي ميّاس المرادي:

وَنَحْنُ ضَرَبنَا يا لَكَ الخَيرُ حَيدَرَاأبا حَسَنٍ مَأمُومَةً فَتَفَطَّرا
وَنَحْنُ خَلَعنَا مُلكَهُ مِنْ نِظامِهِبِضَرْبَةِ سَيْفٍ إذ عَلا وَتَجَبَّرا
وَنَحْنُ كِرامٌ فِي الصَّباحِ أعِزَّةٌإذِا المَوتُ بِالمَوتِ ارتَدى وَتَأَزَّرا ۲
لا شكّ في أنّ مثل هذه المسألة لو كانت من اختلاق قُصّاص معاوية لما بقي هذا الموضوع التاريخي المهمّ خافيا عن أذهان المؤرّخين والمحدّثين . ويمكن فهم

1.شرح نهج البلاغة : ج۵ ص۹۳ .

2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۵۰ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
674

ذهب إلى الصلاة بدلاً عن ابن العاص في تلك الليلة ، وجرح برك بن عبد اللّه معاوية . أمّا ابن ملجم فقد استطاع تنفيذ مهمّته بتحريض من قطام ـ وكانت امرأة جميلة ـ وبمساعدة من وردان بن مجالة وشبيب بن بجرة ، وأنهى مهمّة قتل الإمام عليّ عليه السلام .
وهذه الرواية متّفق عليها من قبل جميع المؤرّخين المسلمين تقريبا . وهل كانت القصّة على هذا المنوال حقّا ، أم أنّ الحقيقة شيء آخر؟ وهل كان الخوارج ـ كما جاء في النصوص التاريخيّة ـ هم المخطّطون الأصليّون لاغتيال الإمام ولم يكن لمعاوية أيّ دور فيه؟ وهل الحكايات التي حكيت حول دور قطام في اغتيال الإمام كانت صحيحة ، أم أنّ المخطّط الأصلي لاغتيال الإمام كان معاوية ، وكلّ ما جاء في التاريخ عن الفاعلين ليس إلّا تلفيقا يراد منه تبرئة ساحة معاوية من جريمة اغتيال أمير المؤمنين؟
يميل بعض المؤرخين المعاصرين إلى تأييد الفرضية ، وينكرون أساسا دور الخوارج في عملية الاغتيال هذه .
أشار الدكتور شهيدي إلى هذا الافتراض قائلاً : «لا اُريد القول كما قال المؤرّخ الأباضي المعاصر الشيخ سليمان يوسف بن داود بأنّ الخوارج كانوا أنصار الإمام عليٍّ عليه السلام ولم يشتركوا في قتله ، وأنّ قبيلة بني مراد التي ينتمي إليها ابن ملجم لم تكن من الخوارج ، وأنّ قصة ابن ملجم ورفيقيه من تلفيق جلاوزة معاوية لإخفاء الحقيقة عن الناس . وقد عرضت بعض الانتقادات على كتابه هذا في لقاء جمع بيننا في الجزيرة ، وكتبتها له في رسالة أيضا . ولكن لو أنّ أحدا قال بأنّ مؤامرة شهادة الإمام عليٍّ عليه السلام ليست بالشكل الذي شاع على الألسن ، فإنني لا أستبعد صحّة قوله» .
وبعد نقده لبعض النصوص المتعلّقة بدور قطام في مؤامرة الاغتيال هذه كتب

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    سایر پدیدآورندگان :
    مهدي غلامعلي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12087
صفحه از 987
پرینت  ارسال به