«فَقالَ كَلِمَةً صَمَّنيهَا النّاسُ» . ۱
«ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أصَمَّنيهَا ۲ النّاسُ ، فَقُلتُ لِأَبي ـ أو لِابني ـ : مَا الكَلِمَةُ الَّتي أصَمَّنيهَا النّاسُ ؟ قالَ : كُلُّهُم مِن قُرَيشٍ» . ۳
كما جاء أيضاً : «فَصَرَخَ النّاسُ ، فَلَم أسمَع ما قالَ» . ۴
وبتأمّل ما أوردناه يهتدي الباحث إلى نقاط ، لا يخلو ذكرها من فائدة :
۱ . تحظى قضيّة الخلافة ومستقبل الاُمّة ومصيرها بعد النبيّ صلى الله عليه و آله بحسّاسيّة فائقة ، بحيث كان النبيّ عندما يصل إلى النقطة الجوهريّة ويبلغ لبّ المسألة يخفض صوته حتى لكأ نّه يهمس ، وفي موقع آخر كان الناس يبادرون إلى اللغط وإثارة الضوضاء حال سماعهم الكلام النبوي ، يُظهرون بذلك إباءهم له .
۲ . تذكر بعض الروايات في تصوير الحالة «خفض الصوت» ، وبعضها الآخر ذكرت «اللغط والضجيج» ، حيث يرتبط كلّ وصف من هذه الأوصاف بمورد من موارد النقل . فجابر يذكر أ نّه لم يسمع الكلام النبوي في المسجد لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله خفض صوته ، أمّا في الحديث الذي جاء في مسند أحمد بن حنبل ، فقد ذكر جابر أ نّه لم يسمع الكلام للغط القوم وهياجهم .
والظاهر أنّ خفض النبيّ صوته كان في المسجد النبوي في المدينة ، ولغط الناس وهياجهم كان في حَجَّة الوداع ، كما أشارت لذلك الروايات المتقدّمة .
۳ . إنّه لأمر حريّ بالانتباه ما جاء في أحد النقول ، من أنَّ النبيّ قال عندما أخفى
1.صحيح مسلم : ج۳ ص۱۴۵۳ ح۹ .
2.أصمّنيها الناس : أي شغلوني عن سماعها ، فكأ نّهم جعلوني أصمَّ (لسان العرب : ج۱۲ ص۳۴۳) .
3.مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۳۵ ح۲۱۰۲۰ .
4.الخصال : ص۴۷۳ ح۲۹ .