الفصل الثالث : الدُّعاءُ لِلإِمامِ المَهدِيِّ فِي الأَعيادِ
۳ / ۱
الدُّعاءُ لَهُ فِي الأَعيادِ الأَربَعَةِ
دُعاءُ النُّدبَةِ
۱۰۵۴.المزار الكبير : الدُعاءُ لِلنُّدبَةِ . قالَ مُحَمَّدُ بنُ [ عَلِيِّ بنِ] أبي قُرَّةَ : نَقَلتُ مِن كِتابِ أبي جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ سُفيانَ البَزَوفَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ هذَا الدُّعاءَ ، وذَكَرَ فيهِ أنَّهُ الدُّعاءُ لِصاحِبِ الزَّمانِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وعَجَّلَ فَرَجَهُ وفَرَجَنا بِهِ ، ويُستَحَبُّ أن يُدعى بِهِ فِي الأعيادِ الأربَعَةِ۱ :
الحَمدُ للَّهِِ رَبِّ العالَمينَ وصَلَّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وآلِهِ وسَلَّمَ تَسليماً .
اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤُكَ في أولِيائِكَ الَّذينَ استَخلَصتَهُم لِنَفسِكَ ودينِكَ ؛ إذِ اختَرتَ لَهُم جَزيلَ ما عِندَكَ مِنَ النَّعيمِ المُقيمِ الَّذي لا زَوالَ لَهُ ولَا اضمِحلالَ ، بَعدَ أن شَرَطتَ عَلَيهِمُ الزُّهدَ في زَخارِفِ هذِهِ الدُّنيَا الدَّنِيَّةِ۲ وزِبرِجِها۳ ، فَشَرَطوا لَكَ ذلِكَ ، وعَلِمتَ مِنهُمُ الوَفاءَ بِهِ ، فَقَبِلتَهُم وقَرَّبتَهُم ، وقَدَّمتَ لَهُمُ الذِّكرَ العَلِيَّ وَالثَّناءَ الجَلِيَّ ، وأَهبَطتَ عَلَيهِم مَلائِكَتَكَ ، وكَرَّمتَهُم بِوَحيِكَ ، ورَفَدتَهُم۴بِعِلمِكَ ، وجَعَلتَهُمُ الذَّرائِعَ۵إلَيكَ ، وَالوَسيلَةَ إلى رِضوانِكَ .
فَبَعضٌ أسكَنتَهُ جَنَّتَكَ إلى أن أخرَجتَهُ مِنها ، وبَعضٌ حَمَلتَهُ في فُلكِكَ ، ونَجَّيتَهُ ومَن آمَنَ مَعَهُ مِنَ الهَلَكَةِ بِرَحمَتِكَ ، وبَعضٌ اتَّخَذتَهُ لِنَفسِكَ خَليلاً ، وسَأَلَكَ لِسانَ صِدقٍ فِي الآخِرينَ ، فَأَجَبتَهُ وجَعَلتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وبَعضٌ كَلَّمتَهُ مِن شَجَرَةٍ تَكليماً ، وجَعَلتَ لَهُ مِن أخيهِ رِدءاً۶ ووَزيراً ، وبَعضٌ أولَدتَهُ مِن غَيرِ أبٍ ، وآتَيتَهُ البَيِّناتِ ، وأَيَّدتَهُ بِروحِ القُدُسِ .
وكُلٌّ شَرَعتَ لَهُ شَريعَةً ، ونَهَجتَ لَهُ مِنهاجاً ، وتَخَيَّرتَ لَهُ أوصِياءَ ، مُستَحفِظاً بَعدَ مُستَحفِظٍ ، مِن مُدَّةٍ إلى مُدَّةٍ ؛ إقامَةً لِدينِكَ ، وحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، ولِئَلّا يَزولَ الحَقُّ عَن مَقَرِّهِ ، ويَغلِبَ الباطِلُ عَلى أهلِهِ ، ولا يَقولَ أحَدٌ : لَولا أرسَلتَ إلَينا رَسولاً مُنذِراً ، [ وأَقَمتَ لَنا عَلَماً هادِياً]۷ ، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِن قَبلِ أن نَذِلَّ ونَخزى۸ .
إلى أنِ انتَهَيتَ بِالأَمرِ إلى حَبيبِكَ ونَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ، فَكانَ كَمَا انتَجَبتَهُ ، سَيِّدَ مَن خَلَقتَهُ ، وصَفوَةَ مَنِ اصطَفَيتَهُ ، وأَفضَلَ مَنِ اجتَبَيتَهُ ، وأَكرَمَ مَنِ اعتَمَدتَهُ ، قَدَّمتَهُ عَلى أنبِيائِكَ ، وبَعَثتَهُ إلى الثَّقَلَينِ مِن عِبادِكَ ، وأَوطَأتَهُ مَشارِقَكَ ومَغارِبَكَ ، وسَخَّرتَ لَهُ البُراقَ۹ ، وعَرَجتَ بِهِ۱۰ إلى سَمائِكَ ، وأَودَعتَهُ عِلمَ [ ما كانَ و]۱۱ ما يَكونُ إلَى انقِضاءِ خَلقِكَ .
ثُمَّ نَصَرتَهُ بِالرُّعبِ ، وحَفَفتَهُ بِجَبرَئيلَ وميكائيلَ وَالمُسَوِّمينَ۱۲ مِن مَلائِكَتِكَ ، ووَعَدتَهُ أن تُظهِرَ دينَهُ۱۳ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ ولَو كَرِهَ المشرِكونَ۱۴ ، وذلِكَ بَعدَ أن بَوَّأتَهُ مُبَوَّأَ صِدقٍ مِن أهلِهِ ، وجَعَلتَ لَهُ ولَهُم « أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَلَمِينَ * فِيهِ ءَايَتُ بَيِّنَتٌ مَّقَامُ إِبْرَ هِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا »۱۵ ، وقُلتَ : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » . ۱۶
ثُمَّ جَعَلتَ أجرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ مَوَدَّتَهُم في كِتابِكَ ، فَقُلتَ : « قُل لَّا أَسَْلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى »۱۷ ، وقُلتَ : « مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ»۱۸ ، وقُلتَ :۱۹«مَا أَسَْلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً »۲۰، فَكانوا هُمُ السَّبيلَ إلَيكَ ، وَالمَسلَكَ إلى رِضوانِكَ .
فَلَمَّا انقَضَت أيّامُهُ أقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِما وآلِهِما هادِياً إذ كانَ هُوَ المُنذِرُ ، ولِكُلِّ قَومٍ هادٍ ، فَقالَ وَالمَلَأُ أمامَهُ : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ، اللَّهُمَّ والِ مَن والاهُ ، وعادِ مَن عاداهُ ، وَانصُر مَن نَصَرَهُ ، وَاخذُل مَن خَذَلَهُ» . وقالَ : «مَن كُنتُ أنَا نَبِيَّهُ۲۱ فَعَلِيٌّ أميرُهُ» ، وقالَ : «أنَا وعَلِيٌّ مِن شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وسائِرُ النّاسِ مِن شَجَرٍ شَتّى» .
وأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارونَ مِن موسى ، فَقالَ لَهُ : «أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي» .
وزَوَّجَهُ ابنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمينَ ، وأَحَلَّ لَهُ مِن مَسجدِهِ ما حَلَّ لَهُ ، وسَدَّ الأَبوابَ إلّا بابَهُ ، ثُمَّ أودَعَهُ عِلمَهُ وحِكمَتَهُ ، فَقالَ : «أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ الحِكمَةَ فَليَأتِها مِن بابِها» .
ثُمَّ قالَ : «أنتَ أخي ووَصِيّي ووارِثي ، لَحمُكَ مِن لَحمي ، ودَمُكَ مِن دَمي ، وسِلمُكَ سِلمي ، وحَربُكَ حَربي ، وَالإِيمانُ مُخالِطٌ لَحمَكَ ودَمَكَ ، كَما خالَطَ لَحمي ودَمي ، وأَنتَ غَداً عَلَى الحَوضِ مَعي وأَنتَ خَليفَتي ، وأَنتَ تَقضي دَيني وتُنجِزُ عِداتي۲۲ ، وشيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِن نورٍ مُبيَضَّةً وُجوهُهُم حَولي فِي الجَنَّةِ ، وهُم جيراني ، ولَولا أنتَ يا عَلِيُّ لَم يُعرَفِ المُؤمِنونَ بَعدي» .
وكانَ بَعدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ ، ونوراً مِنَ العَمى ، وحَبلَ اللَّهِ المَتينَ ، وصِراطَهُ المُستَقيمَ . لا يُسبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ ، ولا بِسابِقَةٍ في دينٍ ، ولا يُلحَقُ في مَنقَبَةٍ مِن مَناقِبِهِ ، يَحذو حَذوَ الرَّسولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِما وآلِهِما - ويُقاتِلُ عَلَى التَّأويلِ ، ولا تَأخُذُهُ في اللَّهِ لَومَةُ لائِمٍ .
قَد وَتَرَ۲۳ فيهِ صَناديدَ العَرَبِ۲۴ ، وقَتَلَ أبطالَهُم ، وناهَشَ ذُؤبانَهُم۲۵ ، وأَودَعَ۲۶قُلوبَهُم أحقاداً بَدرِيَّةً وخَيبَرِيَّةً وحُنَينِيَّةً وغَيرَهُنَّ ، فَأَضَبَّت۲۷ عَلى عَداوَتِهِ ، وأَكَبَّت عَلى مُنابَذَتِهِ ، حَتّى قَتَلَ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ۲۸ .
ولَمّا قَضى نَحبَهُ وقَتَلَهُ أشقَى الآخِرينَ يَتبَعُ أشقَى الأَوَّلينَ ، لَم يُمتَثَل أمرُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ فِي الهادينَ بَعدَ الهادينَ ، وَالاُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقتِهِ ، مُجتَمِعَةٌ۲۹ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ وإقصاءِ وُلدِهِ ، إلَّا القَليلَ مِمَّن وَفى لِرِعايَةِ الحَقِّ فيهِم .
فَقُتِلَ مَن قُتِلَ ، وسُبِيَ مَن سُبِيَ ، واُقصِيَ مَن اُقصِيَ ، وجَرَى القَضاءُ لَهُم بِما يُرجى لَهُ حُسنُ المَثوبَةِ ، إذ كانَتِ الأَرضُ للَّهِِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ الصّالِحينَ ، وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ۳۰ ، وسُبحانَ رَبِّنا إن كانَ وَعدُ رَبِّنا لَمَفعولاً۳۱ ، ولَن يُخلِفَ اللَّهُ وَعدَهُ۳۲ ، وهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ .
فَعَلَى الأَطائِبِ مِن أهلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِما وآلِهِما - فَليَبكِ الباكونَ ، وإيّاهُم فَليَندُبِ النّادِبونَ ، ولِمِثلِهِم فَلتَدُرَّ الدُّموعُ ، وَليَصرُخِ الصّارِخونَ ويَضِجَّ الضّاجّونَ ويَعِجَّ العاجّونَ .
أينَ الحَسَنُ ؟ أينَ الحُسَينُ ؟ أينَ أبناءُ الحُسَينِ ؟ صالِحٌ بَعدَ صالِحٍ ، وصادِقٌ بَعدَ صادِقٍ ، أيَن السَّبيلُ بَعدَ السَّبيلِ ؟ أينَ الخِيَرَةُ بَعدَ الخِيَرَةِ ؟ أينَ الشُّموسُ الطّالِعَةُ ؟ أينَ الأَقمارُ المُنيرَةُ ؟ أينَ الأَنجُمُ الزّاهِرَةُ ؟ أينَ أعلامُ الدّينِ وقَواعِدُ العِلمِ ؟
أينَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتي لاتَخلو مِنَ العِترَةِ الهادِيَةِ ؟ أينَ المُعَدُّ لِقَطعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ ؟ أينَ المُنتَظَرُ لِإِقامَةِ الأَمتِ۳۳ وَالعِوَجِ ؟ أينَ المُرتجى لِإِزالَةِ الجَورِ وَالعُدوانِ ؟ أينَ المُدَّخَرُ لِتَجديدِ الفَرائِضِ وَالسُّنَنِ ؟ أينَ المُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ المِلَّةِ وَالشَّريعَةِ ؟ أينَ المُؤَمَّلُ لِإِحياءِ الكِتابِ وحُدودِهِ ؟ أينَ مُحيي مَعالِمِ الدّينِ وأَهلِهِ ؟ أينَ قاصِمُ شَوكَةِ المُعتَدينَ ؟ أينَ هادِمُ أبنِيَةِ الشِّركِ وَالنِّفاقِ ؟ أينَ مُبيدُ أهلِ الفُسوقِ وَالعِصيانِ وَالطُّغيانِ ؟ أينَ حاصِدُ فُروعِ الغَيِّ وَالشِّقاقِ ؟ أينَ طامِسُ آثارِ الزَّيغِ وَالأَهواءِ ؟ أينَ قاطِعُ حَبائِلِ الكِذبِ وَالاِفتِراءِ ؟ أينَ مُبيدُ العُتاةِ۳۴ وَالمَرَدَةِ ؟ [ أينَ مُستَأصِلُ أهلِ العِنادِ وَالتَّضليلِ وَالإِلحادِ ؟ ]۳۵ أينَ مُعِزُّ الأَولِياءِ ومُذِلُّ الأَعداءِ ؟ أينَ جامِعُ الكَلِمَةِ عَلَى التَّقوى ؟
أينَ بابُ اللَّهِ الَّذي مِنهُ يُؤتى ؟ أيَن وَجهُ اللَّهِ الَّذي إلَيهِ يَتَوَجَّهُ الأَولِياءُ ؟ أينَ السَّبَبُ المُتَّصِلُ بَينَ الأَرضِ وَالسَّماءِ ؟ أينَ صاحِبُ يَومِ الفَتحِ وناشِرُ رايَةِ الهُدى ؟ أينَ مُؤَلِّفُ شَملِ الصَّلاحِ وَالرِّضا ؟ أينَ الطّالِبُ بِذُحولِ الأَنبِياءِ وأَبناءِ الأَنبِياءِ ؟ أينَ الطّالِبُ بِدَمِ المَقتولِ بِكَربَلاءَ ؟ أينَ المَنصورُ عَلى مَنِ اعتَدى عَلَيهِ وَافتَرى ؟ أينَ المُضطَرُّ الَّذي يُجابُ إذا دَعا ؟ أينَ صَدرُ الخَلائِفِ۳۶ ذُو البِرِّ وَالتَّقوى ؟ أينَ ابنُ النَبِيِّ المُصطَفى ، وَابنُ عَلِيٍّ المُرتضى ، وَابنُ خَديجَةَ الغَرّاءِ ، وَابنُ فاطِمَةَ الكُبرى ؟
بِأَبي أنتَ واُمّي ، ونَفسي لَكَ الوِقاءُ وَالحِمى ، يَابنَ السّادَةِ المُقَرَّبينَ ، يَابنَ النُّجَباءِ الأَكرَمينَ ، يَابنَ الهُداةِ المَهدِيّينَ ، يَابنَ الخِيَرَةِ المُهَذَّبينَ ، يَابنَ الغَطارِفَةِ۳۷ الأَنجَبينَ ، يَابنَ الأَطائِبِ المُطَهَّرينَ ، يَابنَ الخَضارِمَةِ ۳۸ المُنتَجَبينَ ، يَابنَ القَماقِمَةِ۳۹الأَكرَمينَ ، يَابنَ البُدورِ المُنيرَةِ ، يَابنَ السُّرُجِ المُضيئَةِ ، يَابنَ الشُّهُبِ الثّاقِبَةِ ، يَابنَ الأَنجُمِ الزّاهِرَةِ ، يَابنَ السُّبُلِ الواضِحَةِ ، يَابنَ الأَعلامِ اللّائِحَةِ ، يَابنَ العُلومِ الكامِلَةِ ، يَابنَ السُّنَنِ المَشهورَةِ ، يَابنَ المَعالِمِ المَأثورَةِ ، يَابنَ المُعجِزاتِ المَوجودَةِ ، يَابنَ الدَّلائِلِ المَشهودَةِ ، يَابنَ الصِّراطِ المُستَقيمِ ، يَابنَ النَّبَأِ العَظيمِ ، يَابنَ مَن هُوَ في اُمِّ الكِتابِ لَدَى اللَّهِ عَلِيٌّ حَكيمٌ .
يَابنَ الآياتِ وَالبَيِّناتِ ، يَابنَ الدَّلائِلِ الظّاهِراتِ ، يَابنَ البَراهينِ الباهِراتِ ، يَابنَ الحُجَجِ البالِغاتِ ، يَابنَ النِّعَمِ السّابِغاتِ ، يَابنَ طه وَالمُحكَماتِ ، يَابنَ يس وَالذّارِياتِ ، يَابنَ الطّورِ وَالعادِياتِ ، يَابنَ مَن دَنا فَتَدَلّى فَكانَ قابَ قَوسَينِ أو أدنى ، دُنُوّاً وَاقتِراباً مِنَ العَلِيِّ الأَعلى .
لَيتَ شِعري ، أينَ استَقَرَّت بِكَ النَّوى۴۰ ؟ بَل أيُّ أرضٍ تُقِلُّكَ أو ثَرى ؟ أبِرَضوى۴۱ ، أو غَيرِها ، أم ذي طُوى۴۲ ؟ عَزيزٌ عَلَيَّ أن أرَى الخَلقَ وأَنتَ لا تُرى ، ولا أسمَعَ لَكَ حَسيساً ولا نَجوى ، عَزيزٌ عَلَيَّ أن تُحيطَ بِكَ دونِيَ البَلوى ، ولا يَنالَكَ مِنّي ضَجيجٌ ولا شَكوى .
بِنَفسي أنتَ مِن مُغَيَّبٍ لَم يَخلُ مِنّا ، بِنَفسي أنتَ مِن نازِحٍ ما نَزَحَ عَنّا ، بِنَفسي أنتَ اُمنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنّى ، مِن مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنّا ، بِنَفسي أنتَ مَن عَقيدِ۴۳ عِزٍّ لا يُسامى ، بِنَفسي أنتَ مِن أثيلِ۴۴مَجدٍ لا يُجازى۴۵ ، بِنَفسي أنتَ مِن تِلادِ۴۶نِعَمٍ لا تُضاهى ، بِنَفسي أنتَ مِن نَصيفِ شَرَفٍ لا يُساوى .
إلى مَتى أحارُ فيكَ يا مَولايَ وإلى مَتى ؟ وأَيَّ خِطابٍ أصِفُ فيكَ وأَيَّ نَجوى ؟ عَزيزٌ عَلَيَّ أن اُجابَ دونَكَ واُناغى ، عَزيزٌ عَلَيَّ أن أبكِيَكَ ويَخذُلَكَ الوَرى ، عَزيزٌ عَلَيَّ أن يَجرِيَ عَلَيكَ دونَهُم ما جَرى !
هَل مِن مُعينٍ فَاُطيلَ مَعَهُ العَويلَ وَالبُكاءَ ؟ هَل مِن جَزوعٍ فَاُساعِدَ جَزَعَهُ إذا خَلا ؟ هَل قَذِيَت۴۷ عَينٌ فَساعَدَتها عَيني عَلَى القَذى ؟ هَل إلَيكَ يَابنَ أحمَدَ سَبيلٌ فَتُلقى ؟ هَل يَتَّصِلُ يَومُنا مِنكَ بِغَدِهِ فَنَحظى ؟ مَتى نَرِدُ مِناهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَروى ؟ مَتى نَنتَقِعُ۴۸ مِن عَذبِ مائِكَ فَقَد طالَ الصَّدى۴۹ ؟ مَتى نُغاديكَ ونُراوِحُكَ فَتَقَرَّ عُيونُنا ؟ مَتى تَرانا ونَراكَ وقَد نَشَرتَ لِواءَ النَّصرِ تُرى ؟ أتَرانا نَحُفُّ بِكَ وأَنتَ تَؤُمُّ المَلَأَ ؛ وقَد مَلَأتَ الأَرضَ عَدلاً وأَذَقتَ أعداءَكَ هَواناً وعِقاباً ، وأَبَرتَ۵۰العُتاةَ وجَحَدَةَ الحَقِّ ، وَقَطَعتَ دابِرَ المُتَكَبِّرينَ ، وَاجتَثَثتَ اُصولَ الظّالِمينَ ، ونَحنُ نَقولُ : الحَمدُ للَّهِِ رَبِّ العالَمينَ .
اللَّهُمَّ أنتَ كَشّافُ الكُرَبِ وَالبَلوى ، وإلَيكَ أستَعدي فَعِندَكَ العَدوى۵۱ ، وأَنتَ رَبُّ الآخِرَةِ وَالاُولى ، فَأَغِث يا غِياثَ المُستَغيثينَ عُبَيدَك المُبتَلى ، وأَرِهِ سَيِّدَهُ يا شَديدَ القُوى ، وأَزِل عَنهُ بِهِ الأَسى وَالجَوى۵۲ ، وبَرِّد غَليلَهُ يا مَن عَلَى العَرشِ استَوى ، ومَن إلَيهِ الرُّجعى وَالمُنتَهى .
اللَّهُمَّ ونَحنُ عَبيدُكَ التّائِقونَ۵۳ إلى وَلِيِّكَ ، المُذَكِّرِ بِكَ وبِنَبِيِّكَ ، خَلَقتَهُ لَنا عِصمَةً ومَلاذاً ، وأَقَمتَهُ لَنا قِواماً ومَعاذاً ، وجَعَلتَهُ لِلمُؤمِنينَ مِنّا إماماً ، فَبَلِّغهُ مِنّا تَحِيَّةً وسَلاماً ، وزِدنا بِذلِكَ يا رَبِّ إكراماً ، وَاجعَل مُستَقَرَّهُ لَنا مُستَقَرّاً ومُقاماً ، وأَتمِم نِعمَتَكَ بِتَقديمِكَ إيّاهُ أمامَنا حَتّى تورِدَنا جِنانَكَ ، ومُرافَقَةَ الشُّهَداءِ مِن خُلَصائِكَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ۵۴ ، وصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ جَدِّهِ رَسولِكَ السَّيِّدِ الأَكبَرِ ، وعَلى أبيهِ السَّيِّدِ الأَصغَرِ۵۵ ، وجَدَّتِهِ الصِّدّيقَةِ الكُبرى فاطِمَةَ بِنتِ مُحَمَّدٍ ، وعَلى مَنِ اصطَفَيتَ مِن آبائِهِ البَرَرَةِ ، وعَلَيهِ أفضَلَ وأَكمَلَ ، وأَتَمَّ وأَدوَمَ ، وأَكبَرَ وأَوفَرَ ما صَلَّيتَ عَلى أحَدٍ مِن أصفِيائِكَ وخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً لا غايَةَ لِعَدَدِها ، ولا نِهايَةَ لِمَدَدِها .
اللَّهُمَّ وأَقِم بِهِ الحَقَّ ، وأَدحِض۵۶ بِهِ الباطِلَ ، وأَدِل۵۷ بِهِ أولِياءَكَ ، وأَذلِل بِهِ أعداءَكَ ، وصِلِ اللَّهُمَّ بَينَنا وبَينَهُ وُصلَةً تُؤَدّي إلى مُرافَقَةِ سَلَفِهِ ، وَاجعَلنا مِمَّن يَأخُذُ بِحُجزَتِهِم۵۸ ، ويَمكُثُ في ظِلِّهِم ، وأَعِنّا عَلى تَأدِيَةِ حُقوقِهِ إلَيهِ ، وَالاِجتِهادِ في طاعَتِهِ ، وَاجتِنابِ مَعصِيَتِهِ .
وَامنُن عَلَينا بِرِضاهُ ، وهَب لَنا رَأفَتَهُ ورَحمَتَهُ ، ودُعاءَهُ وخَيرَهُ ، ما نَنالُ بِهِ سَعَةً مِن رَحمَتِكَ ، وفَوزاً عِندَكَ ، وَاجعَل صَلاتَنا بِهِ مَقبولَةً ، وذُنوبَنا بِهِ مَغفورَةً ، ودُعاءَنا بِهِ مُستَجاباً ، وَاجعَل أرزاقَنا بِهِ مَبسوطَةً ، وهُمومَنا بِهِ مَكفِيَّةً ، وحَوائِجَنا بِهِ مَقضِيَّةً ، وأَقبِل إلَينا بِوَجهِكَ الكَريمِ ، وَاقبَل تَقَرُّبَنا إلَيكَ ، وَانظُر إلَينا نَظرَةً رَحيمَةً نَستَكمِلُ بِهَا الكَرامَةَ عِندَكَ ، ثُمَّ لا تَصرِفها عَنّا بِجودِكَ ، وَاسقِنا مِن حَوضِ جَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ بِكَأسِهِ وبِيَدِهِ ، رَيّاً رَوِيّاً ، هَنيئاً سائِغاً۵۹ ، لا ظَمَأَ بَعدَهُ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .۶۰
1.وقال في الإقبال : «دعاء آخر بعد صلاة العيد ويدعى به في الأعياد الأربعة» .
2.الدَنيّ : الضعيف الخسيس (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۲۷۴ «دنا») .
3.في المصادر الاُخرى : « . . . في دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنيَا الدَّنِيَّةِ وزُخرُفِها وزِبرِجِها» . والزِّبرِجُ : الزينة والذهب (النهاية : ج ۲ ص ۲۹۴ «زبرج») .
4.رَفَدْتَهُ : إذا أعنته (النهاية : ج ۲ ص ۲۴۱ «رفد») .
5.في الإقبال : «الذريعة» . والذرائع : جمع ذريعة ؛ وهي الوسيلة (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۱۱ «ذرع») .
6.الرِدْءُ : العَونُ والناصر (النهاية : ج ۲ ص ۲۱۲ «ردأ») .
7.أثبتناه من المصادر الاُخرى .
8.تضمين للآية ۱۳۴ من سورة طه .
9.البُراق : وهي الدابّة التي ركبها رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ليلة الإسراء، سمّي بذلك لنصوع لونه وشدّة بريقه (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۰ «برق») .
10.في المصادر الاُخرى : «عَرَجتَ بِروحِهِ» .
11.مسوِّمين : أي مُعَلِّمين أنفسهم أو خيلهم بعلامة يعرفون بها في الحرب (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۹۱۱ «سوم») .
12.في المصدر : «تظهره» ، وما في المتن أثبتناه من المصادر الاُخرى .
13.تضمين للآية ۳۳ من سورةالتوبة ، والآية ۹ فى سورة الصف .
14.آل عمران : ۹۶ و ۹۷ .
15.الأحزاب : ۳۳ .
16.الشورى : ۲۳ .
17.سبأ : ۴۷ .
18.لم ترد هنا الآيتان الأوّلتان في المصدر وأثبتناهما من المصادر الاُخرى .
19.الفرقان : ۵۷ .
20.في المصدر : «وَلِيُّهُ» ، وما في المتن أثبتناه من المصادر الاُخرى .
21.العِدَة : الوعد ، ويجمع على عدات (الصحاح : ج ۲ ص ۵۵۱ «وعد») .
22.وَتَرْتُ الرَجُل : إذا قتلت له قتيلاً (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۷۴ «وتر») .
23.صَنَادِيدُ العرب : أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم (اُنظر : النهاية : ج ۳ ص ۵۵ «صند») .
24.قال العلامة المجلسي قدس سره : قوله : «ناهش ذُؤبانهم» في بعض النسخ : «ناوش» ، يُقال : نهشه ، أي عضّه أو أخذه بأضراسه . والمناوشة : المناولة في القتال . وذؤبان العرب : صعاليكهم ولصوصهم (بحارالأنوار : ج ۱۰۲ ص ۱۲۳) .
25.في بعض نسخ المصدر وبحار الأنوار : «فأودع» .
26.أضبّوا عليه : أي أكثروا . يقال : أضبّوا؛ إذا تكلّموا متتابعاً ، وإذا نهضوا في الأمر جميعاً (النهاية : ج ۳ ص ۷۰ «ضبب»).
27.الناكثون : أهل الجمل ؛ لأنّهم نكثوا البيعة ؛ أي نقضوها . والقاسطون : أهل صفّين ؛ لأنّهم جاروا في حكمهم وبغوا عليهم . والمارقون : الخوارج ؛ لأنّهم مرقوا من الدين (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۳۰ «نكث») .
28.في المصدر : «مجمعة» ، وما في المتن أثبتناه من المصادر الاُخرى .
29.تضمين للآية ۱۲۸ من سورة الأعراف .
30.تضمين للآية ۱۰۸ من سورة الإسراء .
31.تضمين للآية ۴۷ من سورة الحجّ .
32.الأمْتَ : الانخفاض والارتفاع والاختلاف في الشيء (لسان العرب : ج ۲ ص ۵ «أمت») .
33.في المصدر : «أين مبيد أهل العناد والمردة» ، وما في المتن أثبناه من المصادر الاُخرى .
34.سقط ما بين المعقوفين من المصدر وأثبتناه من المصادر الاُخرى .
35.في الإقبال : «الخلائق» بدل «الخلائف» .
36.الغطارفة : جمع الغِطريف ؛ وهو السيّد الشريف والسخيّ السَّرِيّ (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۱۸۱ «غطرف») .
37.الخِضرِم : الجواد الكثير العطيّة (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۱۸۴ «خضرم»).
38.القِمْقام : السيّد (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۰ «قمقم») .
39.النَّوى : الوجه الّذي يذهب فيه ، والبُعد ، والدار ، والتحوّل من مكان إلى آخر (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۹۷ «نوى») .
40.رضوى : جبل في المدينة (معجم البلدان : ج ۳ ص ۵۱) .
41.ذو طُوى : موضع عند مكّة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۴۵) .
42.العقيد : المُعاقِدُ ، الحَلِيفُ (لسان العرب : ج ۳ ص ۲۹۶ «عقد») .
43.مَجْدٌ أثيل : قديم (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۹ «أثل») .
44.في بعض المصادر : «لا يحاذى» بدل : «لا يجازى» .
45.التالد : المال القديم الّذي وُلد عندك (النهاية : ج ۱ ص ۱۹۴ «تلد») .
46.القَذَى في العين : مايسقط فيه من تراب أو تبن أو وسخ ، كأنه يريد الكدورة الّتي حصلت للمؤمن من حوادث الدهر (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۴۵۵ «قذى») .
47.نقع من الماء : رَوِيَ (لسان العرب : ج ۸ ص ۳۶۱ «نقع») .
48.الصَدَى : العَطَش (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۹۹ «صدى») .
49.أبَرَ القَومَ : أهلكهم (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۶۱ «أبر») .
50.العَدوى : طَلَبُك إلى والٍ ليُعدِيَكَ على من ظَلَمَكَ أي يَنتَقِم منه ... والعَدوى : النُّصرَة والمَعُونَة (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۹ «عدو») .
51.الجوى : الحرقة وشدّة الوجد من عشق أو حزن (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۰۶ «جوا») .
52.نفس تائقة : أي مشتاقة . وتاقت نفسه إلى الشيء : اشتاقت ونازعت إليه (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۲۳۴ «توق») . وفي بحارالأنوار والإقبال : «الشائقون» .
53.في الإقبال : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ ووَلِيِّ أمرِكَ» بدل «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ» وهو الأنسب .
54.وزاد في الإقبال : «وحامل اللواء في المحشر ، وساقي أولياءه من نهر الكوثر ، والأمير على سائر البشر ، الّذي من آمن به فقد ظفر ، ومن لم يؤمن به فقد خطر وكفر ، صلّى اللَّه عليه وعلى أخيه وعلى نجلهما الميامين الغرر ، ما طلعت شمس وما أضاء قمر وعلى جدّته ...» .
55.دَحَضَتْ : بَطَلَتْ (المصباح المنير : ص ۱۹۰ «دحض») .
56.الإدالة : الغَلَبة . يقال : اُديلَ لنا على أعدائنا ؛ أي نُصرنا عليهم وكانت الدولة لنا . والدَّولة : الانتقال من حال الشدّة إلى الرخاء (النهاية : ج ۲ ص ۱۴۱ «دول») .
57.أصل الحُجزة : موضع شدّ الإزار ، ثمّ قيل للإزار حُجزة للمجاورة ، فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسّك بالشيء والتعلّق به (النهاية : ج ۱ ص ۳۴۴ «حجز») .
58.سائِغ : عذب (لسان العرب : ج ۸ ص ۴۳۵ «سوغ») .