۳۴۷.كمال الدين : بِهذَا الإِسنادِ۱ ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عُثمانَ العَمرِيِّ - قَدَّسَ اللَّهُ روحَهُ - أنَّهُ قالَ : وُلِدَ السَّيِّدُ عليه السلام مَختوناً ، وسَمِعتُ حَكيمَةَ تَقولُ : لَم يُرَ بِاُمِّهِ دَمٌ في نِفاسها ، وهكَذا سَبيلُ اُمَّهاتِ الأَئِمَّةِ عليهم السلام .
۳۴۸.دلائل الإمامة : أخبَرَني أبُو الحُسَينِ مُحَمَّدُ بنُ هارونَ ، قالَ : حَدَّثَني أبي رضى اللّه عنه ، قالَ : حَدَّثَنا أبو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ هَمّامٍ ، قالَ : حَدَّثَنا جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ ، قالَ : حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ جَعفَرٍ ، عَن أبي نَعيمٍ ، عَن مُحَمَّدِ بنِ القاسِمِ العَلَوِيِّ ، قالَ : دَخَلنا - جَماعَةٌ مِنَ العَلَوِيَّةِ - عَلى حَكيمَةَ بِنتِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ موسى عليهم السلام ، فَقالَت : جِئتُم تَسأَلونَني عَن ميلادِ وَلِيِّ اللَّهِ ؟ قُلنا : بَلى وَاللَّهِ .
قالَت : كانَ عِندِي البارِحَةَ ، وأَخبَرَني بِذلِكَ ، وإنَّهُ كانَت عِندي صَبِيَّةٌ يُقالُ لَها : نَرجِسُ ، وكُنتُ اُرَبّيها من بَينِ الجَواري ، ولا يَلي تَربِيَتُها غَيري ، إذ دَخَلَ أبو مُحَمَّدٍ عليه السلام عَلَيَّ ذاتَ يَومٍ فَبَقِيَ يُلِحُّ النَّظَرَ إلَيها ، فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، هَل لَكَ فيها مِن حاجَةٍ ؟ فَقالَ : إنّا مَعشَرَ الأَوصِياءِ لَسنا نَنظُرُ نَظَرَ رَيبَةٍ۲ ، ولكِنّا نَنظُرُ تَعَجُّباً ، إنَّ المَولودَ الكَريمَ عَلَى اللَّهِ يَكونُ مِنها . قالَت : قُلتُ : يا سَيِّدي ، فَأَروحُ بِها إلَيكَ ؟ قالَ : اِستَأذِني أبي في ذلِكَ . فَصِرتُ إلى أخي عليه السلام ، فَلَمّا دَخَلتُ عَلَيهِ تَبَسَّمَ ضاحِكاً وقالَ :
يا حَكيمَةُ ، جِئتَ تَستَأذِنيني في أمرِ الصَّبِيَّةِ ، ابعَثي بِها إلى أبي مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ يُحِبُّ أن يُشرِكَكِ في هذَا الأَمرِ .
فَزَيَّنتُها وبَعَثتُ بِها إلى أبي مُحَمَّدٍ عليه السلام ، فَكُنتُ بَعدَ ذلِكَ إذا دَخَلتُ عَلَيها تَقومُ فَتُقَبِّلُ جَبهَتي فَاُقَبِّلُ رَأسَها ، وتُقَبِّلُ يَدي فَاُقَبِّلُ رِجلَها ، وتَمُدُّ يَدَها إلى خُفّي لِتَنزِعَهُ فَأَمنَعُها مِن ذلِكَ ، فَاُقَبِّلُ يَدَها إجلالاً وإكراماً لِلمَحَلِّ الَّذي أحَلَّهُ اللَّهُ (تَعالى) فيها ، فَمَكَثتُ بَعدَ ذلِكَ إلى أن مَضى أخي أبُوالحَسَنِ عليه السلام ، فَدَخَلتُ عَلى أبي مُحَمَّدٍ عليه السلام ذاتَ يَومٍ فَقالَ :
يا عَمَّتاهُ ، إنَّ المَولودَ الكَريمَ عَلَى اللَّهِ ورَسولِهِ سَيولَدُ لَيلَتَنا هذِهِ . فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، في لَيلَتِنا هذِهِ ؟ قالَ : نَعَم . فَقُمتُ إلَى الجارِيَةِ فَقَلَبتُها ظَهراً لِبَطنٍ ، فَلَم أرَ بِها حَملاً ، فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، لَيسَ بِها حَملٌ . فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً وقالَ : يا عَمَّتاه ، إنّا مَعاشِرَ الأَوصِياءِ لَيسَ يُحمَلُ بِنا فِي البُطونِ ، ولكِنّا نُحمَلُ فِي الجَنوبِ .
فَلَمّا جَنَّ اللَّيلُ صِرتُ إلَيهِ ، فَأَخَذَ أبو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِحرابَهُ ، فَأَخَذَت مِحرابَها فَلَم يَزالا يُحيِيانِ اللَّيلَ ، وعَجَزتُ عَن ذلِكَ فَكُنتُ مَرَّةً أنامُ ومَرَّةً اُصَلّي إلى آخِرِ اللَّيلِ ، فَسَمِعتُها آخِرَ اللَّيلِ فِي القُنوتِ ، لَمَّا انفَتَلَت مِنَ الوَترِ مُسَلِّمَةً ، صاحَت : يا جارِيَةُ ، الطَّستَ . فَجاءَت بِالطَّستِ فَقَدَّمتُهُ إلَيها فَوَضَعَت صَبِيّاً كَأَنَّهُ فَلقَةُ قَمَرٍ ، عَلى ذِراعِهِ الأَيمَنِ مَكتوبٌ : «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا»۳ . وناغاهُ ساعَةً حَتَى استَهَلَّ ، وعَطَسَ ، وذَكَرَ الأَوصِياءَ قَبلَهُ ، حَتّى بَلَغَ إلى نَفسِهِ ، ودَعا لِأَولِيائِهِ عَلى يَدِهِ بِالفَرَجِ .
ثُمَّ وَقَعَت ظُلمَةٌ بَيني وبَينَ أبي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَم أرَهُ ، فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، أينَ الكَريمُ عَلَى اللَّهِ ؟ قالَ : أخَذَهُ مَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنكِ ، فَقُمتُ وَانصَرَفتُ إلى مَنزِلي فَلَم أرَهُ ، وبَعدَ أربَعينَ يَوماً دَخَلتُ عَلى دارِ أبي مُحَمَّدٍ عليه السلام ، فَإِذا أنَا بِصَبِيٍّ يَدرُجُ فِي الدّارِ ، فَلَم أرَ وَجهاً أصبَحَ مِن وَجهِهِ ، ولا لُغَةً أفصَحَ مِن لُغَتِهِ ، ولا نَغمَةً أطيَبَ مِن نَغمَتِهِ ، فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، مَن هذَا الصَّبِيُّ ، ما رَأَيتُ أصبَحَ وَجهاً مِنهُ ، ولا أفصَحَ لُغَةً مِنهُ ، ولا أطيَبَ نَغمَةً مِنهُ ؟ قالَ : هذَا المَولودُ الكَريمُ عَلَى اللَّهِ . قُلتُ : يا سَيِّدي ، ولَهُ أربَعونَ يَوماً ، وأَنَا أرى مِن أمرِهِ هذا ! قالَت : فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً وقالَ :
يا عَمَّتاه ، أما عَلِمتَ أنّا مَعشَرَ الأَوصِياءِ نَنشَأُ فِي اليَومِ كَما يَنشَأُ غَيرُنا فِي الجُمُعِةِ ، ونَنشَأُ فِي الجُمُعَةِ كَما يَنشَأُ غَيرُنا فِي الشَّهرِ ، ونَنشَأُ فِي الشَّهرِ كَما يَنشَأُ غَيرُنا فِي السَّنَةِ ! فَقُمتُ فَقَبَّلتُ رَأسَهُ وَانصَرَفتُ إلى مَنزِلي ، ثُمَّ عُدتُ فَلَم أرَهُ ، فَقُلتُ : يا سَيِّدي ، يا أبا مُحَمَّدٍ ، لَستُ أرَى المَولودَ الكَريمَ عَلَى اللَّهِ ! قالَ :
اِستَودَعناهُ مَنِ استَوَدَعتُهُ اُمُّ موسى موسى . وَانصَرَفتُ وما كُنتُ أراهُ إلّا كُلَّ أربَعينَ يَوماً .
وكانَتِ اللَّيلَةُ الَّتي وُلِدَ فيها لَيلَةَ الجُمُعَةِ ، لِثَمانٍ لَيالٍ خَلَونَ مِن شَعبانَ ، سَنَةَ سَبعٍ وخَمسينَ ومِئَتَينِ مِنَ الهِجرَةِ .