9
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

و وجه كلامه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه يَمدح البيان فيقول: إنّ منه ما فيه إبداع الصنعة و تدقيق المعنى، حتّى كأنّه السِّحرُ، فمِن هذا الوجه شبّهه بالسِّحر لا من جهة أنّه شُعبَذَةٌ۱ و خِداع و تخييل، و الشيء معروف۲ بقرينته، فليت شعري كيف يريد ذلك و يُعْقِبه بقوله عليه‏السلام: «إنّ من الشعر حُكما»؟ و يؤيِّد ما قلناه ما روي أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال لعائشةَ: يا حميراءُ ـ و هذه كلمة كان يُناغيها۳ بها ـ أنشديني قول يهوديّكم العلاء بن الحضرمي، فأنشدته صلى‏الله‏عليه‏و‏آله:۴

فَحَيِّ۵ ذَوي الأضغانِ تَسْبِ قُلوبَهم

تَحِيَّتُكَ الأدنى۶ فقد يُرفَع۷ النَّغَلُ۸

فإن أسمَعوك الكُرْهَ۹ فاعفُ تكرُّماو إن خَنَسوا۱۰ عنك الحديثَ فلا تَسَل۱۱

خَنَسوا أي قَبَضوا، و يقال: خَنَسَ إبهامَه. و روي: فإن دَحَسوا بالشرّ فاعف.۱۲ و الدَّحْسُ: الإفساد.

1.. «ألف» : شعبدة .

2.. «ألف» : يعرف .

3.. المناغاة : المغازلة ، و المحادثة ، و تكليمك الصبيَّ بما يَهوى من الكلام . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۳۶ نغي .

4.. إلى هنا لم نعثر عليه ، نعم جاء في أدب الدنيا بدله هكذا : «روي أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اُنشد عنده قول الأعرابي هذا . . .» . و فيعيون الأخبار : «وفد العلاء بن الحضرميّ على النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقال : أ تقرأ من القرآن شيئا؟ فقرأ عبس ، و زاد فيها من عنده : و هو الذي أخرج من الحبلى ، نسمة نسعى ، من شراسيف وحشى . فصاح به النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله و قال له : كفّ ؛ فإنّ السورة كافية . ثمّ قال : هل تروي من الشعر شيئا؟ فأنشده : . . .» .

5.. في الأدب : «و حيّ» . و في العيون : «حيّ» بدون الواو .

6.. في الأدب : «الحسنى» . و في العيون : «القربى» .

7.. «الف» و «ب» : «يرقع» خلافا للمصادر .

8.. «ألف» : النعل .
و النَّغَل : الإفساد بين القوم و النميمة ، و فساد الأديم في دباغه إذا ترفَّت و تفتّت . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۷۵نغل .

9.. في الأدب : «دحسوا بالمكر» . و في العيون : «دحسوا بالكُرْه» .

10.. في الأدب : حبسوا .

11.. في كلا المصدرين : فلا تسل .

12.. رواه الزمخشري في الفائق ، ج ۱ ، ص ۳۵۹ ، ذيل مادّة «دحس» .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
8

ظاهره، و يُزيله عن موضعه ؛ إرادةَ التلبيس عليهم، فيصير ذلك بمنزلة السِّحر الّذي نوع منه تخييل۱ لما لا حقيقةَ له و تَوهيمٌ لما ليس له محصول، و السحر مذموم، و كذلك المشبَّه به.۲ انتهى كلامه، و هو كماترى.

و قال أبو سليمان الخطّابي: سحر البيان۳ هو أن يَصِفَ الشيءَ بصفتين متناقضتين يَصدُق فيهما.۴

و من ذلك ما يُحكى عن خالد بن صفوان۵ أنّه رُئِيَ على حمار، فقيل له: أين أنت عن۶ عِتاق۷ الخيل؟! فقال: تلك للطلب و الهَرْب، و لستُ طالبا و لا هاربا. قيل۸ له: فما تصنع بالحمار؟ قال: أدِبُّ عليه دَبيبا، و ألقى عليه حبيبا، و يَمنعني أن أكونَ جبّارا عنيدا. ثمّ ركب يوما بِرذَونا فقيل له۹: أين أنت عن الحمار؟ فقال: هيهات، سبق الفرسُ الحمارَ ؛ إذا أطلَقتَه ولّى، و إذا أوقفتَه أدلى۱۰، كثيرُ الروث، بطيءُ الغَوث، لا يَحلَب في الإناء، و لا تُرقَأ۱۱ به الدماءُ، و لا تُمهَر به النساء.۱۲

1.. «ألف» : تخيل .

2.. معالم السنن ، ج ۴ ، ص ۱۳۷ و روى مضمونه عن بعضهم في فتح الباري ، ج ۱۰ ، ص ۲۰۲ .

3.. «ألف» : + و .

4.. راجع : معالم السنن ، ج ۴ ، ص ۱۳۷ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۶ ، ص ۱۴۹ .

5.. خالد بن صفوان بن الأهتم البصري من التابعين ومن فصحاء العرب ، وقد وفد على عمر بن عبد العزيز سير أعلام النبلاء ، ج ۶ ، ص ۲۲۶ ، الرقم ۱۰۹ .

6.. «ب» : + الحمار؟! فقال : هيهات ، سبق الفرس الحمار الد . . . كلمة غير مقروء .

7.. العِتاق جمع عاتِق ، يقال : عَتَقَتِ الفَرسُ عِتقا : سَبَقَت الخيلَ فنَجَتْ . و فرس عاتق : سابِق . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۲۳۵ عتق .

8.. «ألف» : فقيل .

9.«ألف» : ـ له .

10.. أدلى الفَرسُ و غيرُه : أخرَج جُردانَه ليبول أو يَضرب ، و كذلك أدلى العَيرُ و دَلَّى . قيل لابنة الخُسّ : ما مئةٌ من الحُمُر؟ قالت : عازبةُ الليل و خِزي المجلس ، لا لبنَ فتُحلَب ، و لا صَوفَ فتُجَزَّ ؛ إن رُبط عَيرها دَلَّى ، و إن أرسلتَه وَلَّى . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۲۶۶ دلو .

11.. أي لا تنقطع و لا تسكن ، و رَقَأَت الدَّمعةُ : جَفَّتْ و انقطعت ، و رَقَأ الدمُ و العِرقُ : ارتفع ، و العِرقُ : سكن و انقطع . و أرقاهاللّه‏ُ : سَكَّنه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۸ رقأ .

12.. مطلع البدور و منازل السرور للغزولي ، ج ۱ ، ص ۲۴۱ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15377
صفحه از 465
پرینت  ارسال به