و وجه كلامه صلىاللهعليهوآله أنّه يَمدح البيان فيقول: إنّ منه ما فيه إبداع الصنعة و تدقيق المعنى، حتّى كأنّه السِّحرُ، فمِن هذا الوجه شبّهه بالسِّحر لا من جهة أنّه شُعبَذَةٌ۱ و خِداع و تخييل، و الشيء معروف۲ بقرينته، فليت شعري كيف يريد ذلك و يُعْقِبه بقوله عليهالسلام: «إنّ من الشعر حُكما»؟ و يؤيِّد ما قلناه ما روي أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال لعائشةَ: يا حميراءُ ـ و هذه كلمة كان يُناغيها۳ بها ـ أنشديني قول يهوديّكم العلاء بن الحضرمي، فأنشدته صلىاللهعليهوآله:۴
فَحَيِّ۵ ذَوي الأضغانِ تَسْبِ قُلوبَهم
تَحِيَّتُكَ الأدنى۶ فقد يُرفَع۷ النَّغَلُ۸
فإن أسمَعوك الكُرْهَ۹ فاعفُ تكرُّماو إن خَنَسوا۱۰ عنك الحديثَ فلا تَسَل۱۱
خَنَسوا أي قَبَضوا، و يقال: خَنَسَ إبهامَه. و روي: فإن دَحَسوا بالشرّ فاعف.۱۲ و الدَّحْسُ: الإفساد.
1.. «ألف» : شعبدة .
2.. «ألف» : يعرف .
3.. المناغاة : المغازلة ، و المحادثة ، و تكليمك الصبيَّ بما يَهوى من الكلام . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۳۶ نغي .
4.. إلى هنا لم نعثر عليه ، نعم جاء في أدب الدنيا بدله هكذا : «روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله اُنشد عنده قول الأعرابي هذا . . .» . و فيعيون الأخبار : «وفد العلاء بن الحضرميّ على النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : أ تقرأ من القرآن شيئا؟ فقرأ عبس ، و زاد فيها من عنده : و هو الذي أخرج من الحبلى ، نسمة نسعى ، من شراسيف وحشى . فصاح به النبيّ صلىاللهعليهوآله و قال له : كفّ ؛ فإنّ السورة كافية . ثمّ قال : هل تروي من الشعر شيئا؟ فأنشده : . . .» .
5.. في الأدب : «و حيّ» . و في العيون : «حيّ» بدون الواو .
6.. في الأدب : «الحسنى» . و في العيون : «القربى» .
7.. «الف» و «ب» : «يرقع» خلافا للمصادر .
8.. «ألف» : النعل .
و النَّغَل : الإفساد بين القوم و النميمة ، و فساد الأديم في دباغه إذا ترفَّت و تفتّت . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۷۵نغل .
9.. في الأدب : «دحسوا بالمكر» . و في العيون : «دحسوا بالكُرْه» .
10.. في الأدب : حبسوا .
11.. في كلا المصدرين : فلا تسل .
12.. رواه الزمخشري في الفائق ، ج ۱ ، ص ۳۵۹ ، ذيل مادّة «دحس» .