29
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

عروقَه و أورادَه و تَجاويف أعضائه، بل المعنى أنّه لا يُزايله كما يقال: فلانٌ يلازمني ملازَمةَ الظِّلِّ و ملازمةَ الحفيظين و ملازمة الروحِ الجسدَ و ملازمة القَرْنِ الشاةَ، إلى غير ذلك.

و روى البخاريُّ بإسناد له: أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان معتكفا فأتته عمّتُه صفيّةُ بنتُ عبد المطّلب۱ فمَكثتْ عنده ساعةً، فلمّا أرادتِ الانصرافَ خرج النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله معها،۲ فأبصَرَه رجُلٌ مِن الأنصار فقال له عليه‏السلام: إنّها صفيّةُ،۳ و إنّ۴ الشيطانَ يَجري مِن ابن آدمَ مجرى الدم.۵

و في هذا الحديث أنّه يجب على الإنسان الاحترازُ ممّا يوقِع في التُّهَم.

و ذُكر عن الشافعيّ أنّه خافَ النبيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أن يقع في قلبه شيءٌ مِن أمره فيَكفر، فقال ذلك شفقةً /۳۶۳/عليه لا على نفسه.۶

و روي عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه قال: لا تَدخُلوا على المُغِيباتِ اللَّواتي أزواجُهنّ غائبون عنهنّ ؛۷فإنّ الشيطانَ يَجري مِنِ ابنِ آدمَ مَجرَى الدَّمِ.

قالوا: و منك يا رسول اللّه‏؟ قال: نعم ؛ و لكنّ اللّه‏ أعانني عليه فأسلم.۸

و كلام العرب إشارات و تلويحات، و الكلام إذا ذَهب عنه المَجازُ و الاستعارة زالتْ طَلاوتُه۹، و فارَقَه رونقُه، و بَقِيَ مغسولاً، و كان سيّدُنا رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مِن أفصح الناس ؛

1.. لعلّها كانت صفيّة بنت حُيَيِّ بن أخطب زوجة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لاعمّته صفيّة بنت عبد المطّلب ، كما جاء في المصادر مثل : فتح الباري ، ج ۴ ، ص ۲۴۲ ؛ و سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۶۶ ، ح ۱۷۷۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۱۵۶ .

2.. إلى هنا نقل بالمعنى .

3.. في المصدر : فلمّا أبصره ، دعاه فقال : تعال ، هي صفيّة ، و ربما قال سفيان : هذه صفيّة .

4.. في المصدر : فإنّ .

5.. صحيح البخاري ، ج ۲ ، ص ۲۵۹ . وفيه «صفيّة» خاليةً عن الوصف .

6.. حلية الأولياء ، ج ۹ ص ۹۲ .

7.. في المصدر : ـ اللواتي أزواجهنّ غائبون عنهنّ .

8.. سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۳۲۰ .

9.. الطَّلاوة و الطُّلاوة : الحُسن و البهجة و القبول في النامي و غير النامي . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۴ طلي .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
28

أصدقاء والده بعد وفاته ؛ و ذلك لما لهم من السوابق و المِنَن و الحقوق على۱ أبيه الّذي نُقل إلى جوار ربّه، و إنّما جعله عليه‏السلام مِن أطوَع الطاعة و أبرّ البرّ لأنّه بِرٌّ مِن وجهين: أحدُهما التقرّبُ إلى اللّه‏ تعالى في باب والده المتوفّى، و ما أعظَمَ البِرَّ إلى مَن انقطعت وُصُلاته و زالت أسبابه! و الثاني الاصطناع إلى أصدقاء الأب، فيتضاعف الثوابُ على هذا البرّ لتَضاعفه، و تَكرَّرُ المَحمَدةُ عليه لترادفه۲، و اللّه‏ أعلم و رسوله.

و فائدة الحديث: الحثّ على الإحسان إلى موالي۳ الأب بعد تَوفّيه و مُضيّه.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن عمر.

۶۴۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ الشَّيطانَ يَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ.۴

«الشيطان»: فَيعالٌ مِن شَطَنَ۵ إذا تَباعَدَ فكأنّه يَتباعد إذا ذُكِرَ اللّه‏ُ تعالى، و قيل: إنّه فَعلانٌ مِن شاطَ يشيط إذا احتَرق غضبا ؛ لأنّه يَحترق و يغضب إذا أطاع العبدُ.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الشيطان لا يَزال يُراقب العبدَ و يوسوس إليه في نومه و يقظته، و هو جسم لطيف هوائيّ يمكنه أن يصل إلى ذلك، و الإنسان غارٌّ۶ غافل عنه، فيوصل كلامَه و وسواسَه۷ إلى باطن اُذنه فيصير إلى قلبه، و اللّه‏ تعالى هو العالم بكيفيّة ذلك ؛ فأمّا وسواسه فلا شكّ فيه. و الشيطان هنا اسم جنس، و لا يريد به إبليسَ فحَسْبُ ؛ ذلك لأنّ له أولادا و أعوانا، و ذِكر جريانه مِن ابن آدمَ مَجرى الدم مَثَلٌ، و لا يَعني بذلك أنّه يَدخل /۴۰۵/

1.. «ألف» : إلى .

2.. «ألف» : المترادفة .

3.. «ألف» : مولى .

4.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۱۳ ، ح ۹۹۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۱۵۶ و ۲۸۵ و ۳۰۹ ؛ و ج ۶ ، ص ۳۳۷ ؛ سنن الدارمي ،ج ۲ ، ص ۳۲۰ ؛ صحيح البخاري ، ج ۲ ، ص ۲۵۸ ؛ و ج ۴ ، ص ۹۳ ؛ و ج ۷ ، ص ۱۲۴ ؛ و ج ۸ ، ص ۱۱۴ ؛ صحيح مسلم ، ج ۷ ، ص ۸ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۶۶ ، ح ۱۷۷۹ .

5.. «ألف» : الشطن .

6.. «ألف» : غير .

7.. «ألف» : + إليه .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14876
صفحه از 465
پرینت  ارسال به