407
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و روي عن أبي الدرداء رضى‏الله‏عنه أنّه كان مضطجِعا بين أصحابه ـ و ثوبُه على وجهه ـ إذ مَرَّ بهم قَسٌّ۱ فأعجَبَهم سِمَنه فقالوا: اللّهمّ العَنْه ؛ ما أعظَمَه و أسمنه! فكَشَفَ الثوبَ عن وجهه و قال: مَن الّذي۲ لَعنتم آنفا؟ فقالوا: قَسٌّ۳ مَرَّ بنا. فقال: لا تلعنوا أحدا ؛ فإنّه لا ينبغي للَعّانٍ أن يكون عند اللّه‏۴ صدِّيقا.۵

و قال عليه‏السلام: لَعنُ المؤمن كقتله.۶

و فائدة الحديث: النهي عن اللعنة و أن يعوِّد الإنسانُ لسانَه لعنَ كلّ مَن يَتأذّى به ؛ فأمّا المؤمن فهو مَعرضٍ لرحمة اللّه‏ فكيف يُلعَن ليت شعري؟! و لعلّ اللعنة تَراجَعُ۷ على من يَلعنه.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۵۶۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لا يَنبَغي لِذِي الوَجهَينِ أن يَكُونَ أميناً عِندَ اللّه‏ِ تَعالَى.۸

«ذو الوجهين» و ذو اللسانين كنايةٌ عن المنافق الّذي يأتي هؤلاء فيقول بوجه، و يأتي اُولئك فيقول بوجه، و لا يَثبُت على طريقة، و لا يقول عن حقيقة، غرضُه ترويجُ شغله مِن غير فكر في رضا اللّه‏ تعالى و سخطه.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن كان كذلك لم يكُنْ عند اللّه‏ أمينا، بلى يكون خائنا، و هذا كقوله عليه‏السلام: من

1.. القَسّ : رئيس من رؤساء النصارى في الدين و العلم . لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۱۷۳ قسس .

2.. في المصدر : فقال : من ذا الذي .

3.. في المصدر : قسّا .

4.. في المصدر : + يوم القيامة .

5.. تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۷ ، ص ۱۸۷ . و نحوه في كتاب الصمت و آداب اللسان لابن أبي الدنيا ، ص ۲۰۱ .

6.. مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۳ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۱۹۲ ؛ الأدب المفرد للبخاري ، ص ۱۶۶ ، ح ۳۲۶ ؛ المعجم الكبيرللطبراني ، ج ۲ ، ص ۷۳ .

7.. «ب» : يتراجع .

8.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۵۳ ، ح ۸۶۹ ؛ الأدب المفرد للبخاري ، ص ۷۴ ، ح ۳۱۶ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۸۹ و ۳۶۵ ؛السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۱۰ ، ص ۲۴۶ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۵ ، ص ۳۲۶ ؛ و ج ۶ ، ص ۶۸ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۵ ، ص ۶۰ ؛ الاستذكار ، ج ۸ ، ص ۵۸۲ ، ح ۱۸۶۶ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۵۶۸ ، ح ۷۹۳۹ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
406

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لا ينبغي للمؤمن المصدِّق أن يعوِّد لسانَه اللعنةَ فيَلعَنَ كلَّ ما يؤذيه و كلَّ ما يجد في قلبه منه، بل ينبغي أن يعوّده الخيرَ و الذِّكر ؛ فإنّ اللعن أمرٌ صعب، و الإنسان قَلِقُ الوَضين۱ ؛ ربّما يَلعن نفسَه، و ربّما يَلعن البهائم و الطيور ؛ لغفلته و سوء بصيرته.

و قال عليه‏السلام: لا يكون اللعّانون /۳۶۷/ عند اللّه‏ شفعاءَ و لا شهداء.۲

و روي: أنّ رجلاً نازَعَتْه الريحُ رِداءَه على عهد النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فلَعَنَها، فقال عليه‏السلام:۳ لا تَلعنها ؛ فإنّها مأمورة، و إنّه مَن يَلعنْ۴ شيئا ليس له بأهلٍ رَجَعَت اللعنةُ إليه۵.۶

و عن بعض الصحابة ـ رضوان اللّه‏ عليهم۷ ـ قال: كنت رديفَ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فعَثَرتْ دابّتُه، فقلتُ: تَعِسَ الشيطانُ! فقال: لا تقل: تَعِسَ۸ الشيطان! فإنّك إذا قُلتَ ذلك تَعاظَمَ حتّى يكونَ مثلَ البيت يقول: بقوّتي! و لكن قل: بسم اللّه‏ ؛ فإنّك إذا قلت ذلك تَصاغَرَ حتّى يكون مثل الذباب.۹

و قال عليه‏السلام: لا تَلاعَنوا /۳۳۶/ بلعنة اللّه‏ و لا بغضب اللّه‏ و لا بالنار.۱۰

و روي: أنّ رجلاً لَعَن بُرغوثا عند النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقال: لا تَلعنه ؛ فإنّه أيقَظَ نبيّا من الأنبياء للصلاة.۱۱

1.. القَلَق : الانزعاج ، يقال : باب قَلِقا ، و في الحديث :

إليك تعدو قَلِقا وَضينُها مخالِفا دينَ النصارى دينُها
و الوضين : حزام الرحل . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۲۳ قلق .

2.. صحيح مسلم ، ج۸ ، ص ۲۴ ، سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۵۸ ، ح ۴۹۰۷ ؛ كتاب الدعاء للطبراني ، ص ۵۷۴ ، ح ۲۰۷۷ و۲۰۷۸ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۸ .

3.. في المصدر : فقال النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .

4.في المصدر : من لعن .

5.. في المصدر : عليه .

6.. سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۵۸ ، ح ۴۹۰۸ .

7.. «ب» : رضي اللّه‏ عنهم .

8.. تَعِسَ : هلك ، و عَثر و انكبَّ لوجهه ، و تَعِس فلانٌ : أتعسه اللّه‏ . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۲ تعس .

9.. سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۷۳ ، ح ۴۹۸۲ .

10.. مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۱۵ ، سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۵۸ ، ح ۴۹۰۶ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۲۳۶ ، ح ۲۰۴۴ ؛ المعجمالكبير للطبراني ، ج ۷ ، ص ۲۰۷ .

11.. الأدب المفرد للبخاري ، ص ۲۶۴ ، ح ۱۲۷۳ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5654
صفحه از 488
پرینت  ارسال به