405
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

فإنّه أجدَرُ أن يُقْبَل۱ منك، و لا تَرى منه إلاّ خيرا.

أ لا ترى أنّ اللّه‏ تعالى قال لنبيّه موسى و هارون عليهماالسلام في عدوّه فرعون: «فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى»۲؟

و الأمرُ بالمعروف و النهيُ عن المنكر لهما شروطٌ، فمتى حَصَلَتْ وَجَبا، و إلاّ فلا.

و المرتبة الاُولى: أن تَقدِر على تغيير المنكَر بيدك فعَلَيك به.

و الثانية: أن لا تقدَر على۳ ذلك ؛ و لكن تقدر على أن تَعِظَ، فعِظْه باللسان.

و الثالثة: أن لا تقدر على فعل اليد و اللسان، فأَنكِر بالقلب، و لا حَرَجَ عليك.۴

و فائدة الحديث: إعلام أنّ المؤمن عزيز، فلا ينبغي أن يَجُرَّ إلى نفسه الذُّلَّ.

و راوي الحديث: حذيفة بن اليمان رضى‏الله‏عنه.

۵۶۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لاَ يَنبَغي لِلصِّدِّيقِ أَن يَكونَ لَعَّاناً.۵

«الصِّدِّيق»: الكثير الصدق، و قيل: هو مَن لم يَكذِب قَطُّ. و قيل: هو من لا يتأتّى۶ منه الكذب ؛ لِتعوُّده الصدقَ. و قيل: هو مَن صَدَقَ بقوله و اعتقاده، و حَقَّقَ صدقَه بفعله.۷ و أنا أقول: إنّ الصدِّيق هو المؤمن المصدِّق للّه‏ و لرسوله.

و «اللعن» من اللّه‏ تعالى هو الطرد و الإبعاد على سبيل السَّخَط، و مِن العبد الدعاءُ على الإنسان بذلك.

1.. «ألف» : أن يقل .

2.. طه ۲۰ : ۴۴ .

3.. «ب» : + تغيير المنكر بيدك فعليك .

4.. لم نعثر عليه .

5.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۵۲ ، ح ۸۶۸ . الأدب المفرد للبخاري ، ص ۷۴ ، ح ۳۱۲ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۳۷ و ۳۳۶ ؛صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۲۳ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۲۵۰ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۷ ؛ السنن الكبرى للبهقي ، ج ۱۰ ، ص ۱۹۳ .

6.. «ب» : لم يتأتّى .

7.. إلى هنا كلام الراغب مع تفاوت يسير في المفردات للراغب ، ص ۴۷۹ صدق .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
404

سخّره اللّه‏ تعالى كقولك: الماء ينبغي أن يَبُلَّ الثوبَ، و النارُ ينبغي أن تُحرِقه. و الثاني: أن يكون على معنى الأهليّة /۳۶۶/ نحو: فلان ينبغي أن يُحسِنَ لكَرَمه. فقوله تعالى: «وَ مَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَ مَا يَنْبَغِي لَهُ»۱ من الوجه الأوّل، و معناه: لا يَتسهّل و لا يَتيسّر ؛ لأنّ لسانه عليه‏السلام لم يكن يَطوع به. و قوله تعالى: «وَ هَبْ لِي مُلْكا لاَ يَنْبَغِي لاَِحَدٍ مِنْ بَعْدِي»۲ كذلك، و معنى هذا الحديث إذا حُمل على العموم يُفيد أنّ المؤمن عزيزٌ لمكان إيمانه، فلا ينبغي و لا يجوز أن يُدخِل عليه ما يَصير وَصمةً۳ و عيبا۴ مِثلَ أن يُسِفَّ۵ إلى الدنايا من السؤال و غير ذلك ممّا

يَرجع عليه بالذُّلّ، بل ينبغي أن يُعِزَّ نفسَه ما۶ أعَزَّه اللّه‏ تعالى.

و قد روي في الحديث أنّهم قالوا: يا رسول اللّه‏، كيف يُذِلّ نفسَه؟ قال: يَتعرّض لما لا يُطيق.۷ و لَعَمري إنّه لَكذلك ؛ يَأمر مثلاً بالمعروف، و ينهى عن المنكر، و ما كلّ أحد يُمكنه القيامُ بأعباء ذلك.۸

و سُئل مالكُ بنُ أنس عن ذلك؟ فقال: مَن ظننتَ أنّه لا يُطيعُك أو خَشيتَ أن يأتيك منه ما تَكرَه فدَعْه، و مَن لم يُخشَ۹ ذلك منه فمُرْه بالمعروف و انهَه عن المنكر، و أخْفِ ذلك؛

1.. يس ۳۶ : ۶۹ .

2.. ص ۳۸: ۳۵.

3.. الوَصمَة : العيب و العار ، و العيب في الكلام ، و الفترة في الجسد ، و وَصَمَه : عابَه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۶۳۹ وصم .

4.. «ألف» : عينا .

5.. أَسَفَّ الطائرُ و السحابةُ و غيرهما : دَنا من الأرض ، و أسفَّ إلى مَداقِّ الاُمور و ألائمها : دنا ، و أسَفَّ الرجُلُ : تَتَبَّعَ مَداقَّ الاُمور ، و منه قيل لِلَّئيم العطيّة : مُسَفسِف و في نسخةٍ مسفِّف . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۵۳ سفف .

6.. «ألف» : كما .

7.. مضافا إلى مصادر الحديث راجع : الكافي ، ج ۵ ، ص ۶۴ ، ح ۴ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۱۸۰ ، ح ۳۶۸ .

8.. أعباءُ الشيء : أمثالُه و نَظائره . عِب‏ءُ الشيء كالعِدل و العَدل ، و الجمع من كلّ ذلك أعباء . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ،ص ۱۱۸ عبأ .

9.. «ألف» : لم يحسن .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5331
صفحه از 488
پرینت  ارسال به