357
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

الحال فتقول: لا أغُرَّنَّكم كما غَرَرتُ آباءَكم و أسلافكم ؛ فلقد استَدرجتُهم بالتسويف من الربيع إلى الخريف حتّى أحلَلتُهم القبورَ غيرَ مستَعِدِّين لها و لا متأهِّبين لضِيقها، فباللّه‏ عليك أيّها الأخ، و إيّاي أنصَحُ قَبْلَك، أن تَعتبر بهذه الرحى الطَّحونِ الّتي لا يُتوقَّع انتقالُها و لا يُرفَع۱ ثِفالها۲.

و روي أنّ المأمونَ لمّا احتُضِرَ تَمَثَّلَ بقول الشاعر:

الآن يا دنيا عَرفتُكِ فاذهَبي

يا دارَ كُلِّ تَشَتُّتٍ و زَوالِ۳

و روي أنّ ذلك المَلِك الجبّار عَضُدَ الدولة لمّا احتُضر سُمِعَ يَقرأ قولَه تعالى: «مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِي * هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ»۴! و تُنسَب إليه۵ قِطعةٌ قافيةٌ معروفةٌ أوّلُها:

تَمتَّعْ من الدنيا فإنّك لا تبقى و الصحيح أنّها لغيره.۶

و روي: أنّ بعض الخلفاء كانت العلّةُ قد اشتدَّت به و انتهى أمرُه، فاقتَرحَ۷ أن يُحمَل إلى الشطّ تبرُّما بالعلّة عسى أن يَتفرّج ساعةً، فنظر إلى المدّادين يمُدّون۸ المراكبَ مِن

1.. «ب» : يرقع .

2.. «ألف» : أثقالها .
و الثِّفال : ما وقيت به الرحى من الأرض . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۸۵ ثفل .

3.. شرح مقامات الحريري ، ج ۳ ، ص ۲۳۳ ؛ الوزراء و الكتّاب للجهشياري ، ص ۱۵۹ مع اختلاف يسير ، نسب إلى يحيىبن خالد أو إلى أبي العتاهية .

4.. الحاقّة ۶۹ : ۲۸ و ۲۹ .

5.. نسبت إليه في أحسن التقاسيم ، ص ۴۵۰ .

6.. روي أنّه قالها المعتضد باللّه‏ عند موته ، و بعدها : [و خُذ صَفوَها ما إن صَفَتْ و دَعِ الرَّنْقا] راجع : تاريخ مدينة دمشق ،ج ۷۱ ، ص ۲۱۰ ؛ الكامل لابن الأثير ، ج ۷ ، ص ۵۱۴ و ج ۹ ، ص ۱۸ ؛ البداية و النهاية ، ج ۱۱ ، ص ۱۰۶ .

7.. الاقتراح : ارتجال الكلام ، و الاقتراح : ابتداع الشيء تبتدعه و تقترحه من ذات نفسك من غير أن تسمعه . و اقتَرح عليه بكذا : تَحَكَّم و سأل من غير رويَّة ، و اقترحه : اختاره . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۵۵۸ قرح .

8.. «ألف» : يمدّدون .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
356

و إنّ شِفائي عَبرةٌ مُهْراقةٌ

فَهَل عند رسمٍ دارسٍ مِن معوَّلِ۱

يقال: عَبِرَ الرجُلُ يَعبُر عَبَرا فهو عابرٌ، و المرأة أيضا عابرٌ بلا هاء.

قال الحارثُ۲ بنُ وَعْلَة:

يقول لي النَّهْديُّ هل أنت مُردِفي

و كَيفَ رِدافُ الفَرِّ۳ اُمُّك عابِرُ۴

و كأنّه سُمِّيَ عَبْرَةً ؛ لِعبوره الخَدَّ۵، مِن قولك: عَبَرتُ النهرَ إذا تَجاوَزتَه، و عَبَرَتْ عَينُه و استَعبرتْ: دَمَعَتْ: و «الفَرَح»: البطر لِعاجلِ لذّةٍ، قال اللّه‏ تعالى: «إِنَّ اللّه‏َ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ»۶، و قد أفرَحتُه أي سَرَرتُه، و فَرَّحتُه كذلك، و فَرِحَ فَرْحا، و الفَرْحَة المَرَّةُ منه. و التَّرَح: ضِدُّ الفَرَح، و قد تَرِحَ يَتْرَح تَرَحا، و قد تَرَّحتُه تَتريحا أحزَنتُه، و التَّرْحَة: المَرّة منه كذلك، يشير۷ بذلك إلى تغيّر أحوال الدنيا و تبدّلها، و أنّ سُرورَها كظلٍّ زائلٍ و ضَوءٍ آفِل، و أنّه لا فَرحَةَ إلاّ محبوسةٌ على التَّرْحَة، و لا خيرَ إلاّ معقَّبٌ بالشرِّ، و لا سَرّاءَ إلاّ على مَدرَجَةِ الضَّرّاء ؛ لأنّها دار زوال و منزلُ انتقال، فعليك ـ أيّها العاقل ـ ألاَّ تَغترّ بنعيمها، و لا تَبتئس ببأسائها، فكلّ كأن لم يكن، فلذلك قيل: الزمان عَثور۸،۹عسى و عسى يثني الزمان عنانه بتصريف حال و الزمان عثور». و هي تُنادي على نفسها بلسان

1.. جمهرة أشعار العرب ، ص ۱۲۴ .

2.. في المخطوطتين مكتوب : «الحرث» . و الحارث الجرميُّ شاعرٌ جاهليٌّ كأبيه من فرسان قضاعة .

3.. في الصحاح و تاج العروس : «الغرّ» . و في معجم مقاييس اللغة : «الفلّ» . و في اللسان : «الفرّ؟» .

4.. راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۳۳ عبر ؛ معجم مقاييس اللغة ، ج ۴ ، ص ۲۰۸ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۳۲ ؛ تاج العروس ،ج ۷ ، ص ۱۷۸ (عبر) .

5.. «ألف» : الحدّ .

6.. القصص ۲۸ : ۷۶ .

7.. «ألف» : + منه .

8.. العَثور : كثيرة العِثار ، و عَثَر عِثارا : كبا ، و عَثَرَ الفرسُ عِثارا إذا أصاب قوائمه شيء فيصرع أو يتتعتع . انظر : كتاب العين ، ج ۲ ، ص ۱۰۵ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۳۹ عثر .

9.. في الفرج بعد الشدّة ، ج ۱ ، ص ۶۸ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۴ ، ص ۳۸ ؛ الوافي بالوفيات ، ج ۲۴ ، ص ۳۰ ؛ البداية و النهاية ، ج ۱۰ ، ص ۲۸۷ ؛ روض الأخيار ، ص ۳۳۰ : «و قيل :

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5792
صفحه از 488
پرینت  ارسال به