481
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و الثاني: الفقير المختال الّذي يتكبّر و يجذب۱ أهداب۲ الخُيَلاء۳، فما أقبَحَ ذلك بالمتموّلين، فكيف بالفقراء؟!

و روي: أنّ المهلَّب بنَ أبي صُفرَةَ دخل البصرةَ أميرا عليها، فدَخل /۱۷۵/ المسجدَ و هو يتبختر لشبابه و ماله، فنظر إليه مطرِّفُ بنُ عبد اللّه‏ بن الشِّخِّير۴ فقال: أيُّها الفَتى، لا تَمشِ هذه المِشيةَ ؛ فإنّها مِشيةٌ يُبغِضها اللّه‏ُ تعالى، فقال: كأنّك لا تَعرفني؟! فقال: بل۵ أنا أعرَفُ الناس بك ؛ أوّلُك نطفةٌ مَذِرَة۶، و آخِرُك جيفةٌ قَذِرَة، و أنت ما بينَ ذلك حَمّالُ بولٍ و عَذَرَة، أ فأعرفك أم لا؟!۷

فالاختيال و التكبّر يقبح بالأغنياء و أصحاب الأموال، فكيف بالفقير المُعْدِم؟! فلذلك كان أبغَضَ و أقرَبَ إلى المذمّة.

و الثالث: الشيخ الزاني، و لعلّه أبغضُ الأربعة ؛ كيف يستجيز مَن انتهى عمره، و قارَبَ أجَلَه، و أكل أكلَهُ، فمَلَكُ الموت عليه‏السلام يَلمَحه الشَّزْرَ، و يَحسِم منه العُمُرَ، قد بَيَّضَ سوادَه، و سوّد فُؤاده، بعد أن رَقّ جلدُه، و دقّ عظمه، تَصبو نفسُه إلى القبائح، و يميل قلبه إلى الفضائح فيزني؟!

و في مصحف عبد اللّه‏ِ بن مسعود۸: الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما۹ نكالاً من اللّه‏، و اللّه‏

1.. «ألف» : يحدب .

2.. الهُدْبَة و الهُدُبة : الشعرة النابتة على شُفر العَين ، و الجمع هُدْبٌ و هُدُبٌ ، و جمع الهُدْب و الهُدُب : أهدابٌ . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۷۸۰ هدب .

3.. الخُيَلاء و الخِيَلاء : الكِبْر . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۸ خيل .

4.. «ألف» : الشحين .

5.. «ألف» : بلى .

6.. المَذَر : الفساد ، مَذِرَت البيضة : فَسَدَتْ ، و امرأةٌ مَذِرَة قَذِرَة : رائحتها كرائحة البيضة المَذِرَة . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۶۴ مذر .

7.. تفسير البحر المحيط للأندلسي ، ج ۸ ، ص ۳۳۰ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۶ ، ص ۲۸۴ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ۸ ،ص ۲۱۷ .

8.. «ألف» : مصحف ابن مسعود .

9.. «ألف» : فارجموها .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
480

و ترويجا /۱۶۲/لمعاملته، و لو كان عالما بقدر اسم اللّه‏ ـ عزّ اسمه۱ ـ لكان يربو۲ عن التفوُّه به فيما لا قيمة له۳ و لا قدر ؛ فإنّ حطام الدنيا ـ كائنا ما كان ـ أخسّ و أنذل۴ من ذلك.

و روي: أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مَرّ بشاةٍ ميّتةٍ فقال لأصحابه: ما قَدْرُ هذه الشاة الميّتة عند أهلها؟ قالوا: لا قدر لها. فقال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: و الّذي بعثني بالحقّ، الدنيا عند اللّه‏ تعالى أهوَنُ مِن هذه عند أصحابها.۵ أو كما قال عليه‏السلام.

و ليس قدْرُ الدنيا بالغا هذا المبلغ، بل هي جيفةٌ يتنازعها كلاب تَتَهارش عليها.

و ما أحسَنَ ما قال القائل:

و مَن يَذُقِ الدنيا فإنّي طَعِمتُها

و سِيقَ إلينا عَذْبُها و عذابُها

فما هي إلاّ جيفةٌ مستحيلةٌ

عليها كِلابٌ هَمُّهنّ اجتذابُها

فإن تجتنبها۶ كنتَ سِلما لأهلها

و إن تجتذبها نازَعَتْك كلابُها۷

و قال عليه‏السلام: لو كانت الدنيا تَزِنُ عند اللّه‏ جناحَ بعوضةٍ لما سَقى كافرا منها شربةَ ماء.۸

1.. «ألف» : بقدر اللّه‏ عزّ و علا اسمه .

2.. رَبَوتُ : عَلَوتُ . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۳۰۶ ربو .

3.. «ألف» : ـ له .

4.. «ألف» : أبذل .

5.. راجع : مجمع الزوائد للهيثمي ، ج ۱۰ ، ص ۲۸۷ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۱۳۸ ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ج ۶ ،ص ۱۵۷ .

6.. «ألف» : تحبَّبتها .

7.. منسوب إلى الإمام عليّ ؛ اُنظر : حياة الحيوان الكبرى ، ج ۱ ، ص ۴۱۱ .

8.. تفسير ابن كثير ، ج ۱ ، ص ۶۸ ؛ فتوح الشام للواقدي ، ج ۱ ، ص ۲۴۲ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3100
صفحه از 503
پرینت  ارسال به