فيقول صلىاللهعليهوآله: إنّ القاصَّ الّذي يَصدِف الناسَ عن أشغالهم بما يَحكيه من الحكايات، و يُضيف إليها من التَّزويقات۱، يَنتظر المقتَ و بُغضَ الخَلق و سَخَطَ الباري جلّت قدرته ؛ و ذلك لأنّ غرضه ليس الوعظ للّه و في اللّه، و إنّما هو مهنجم۲ يَحبِس الناسَ على حلقته بما زَوَّقَ من كلامه، و ربّما يَكذب فيما يرويه، و إنّما غرضه الخِلابة۳ و خِداع الناس عن أموالهم، و المُراءاة حتّى يُفْسَح له في المجالس و يُبدأ بالسلام، و ذلك شيء لم يكن في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله و لا في عهد الصَّدْر الأوّل من أصحابه رضوان اللّه عليهم، و إنّما ظهر في الفتنة.
و روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله: أنّ بني إسرائيل لمّا قَصُّوا هَلَكوا.۴
و عنه عليهالسلام: لا يَقُصُّ إلاّ أمير أو مأمور أو مُراءٍ.۵
و كان كعب الأحبار يقصّ، فلمّا سَمِع هذا الحديث ترك القَصَصَ.۶
و عنه عليهالسلام: /۱۶۴/ يكون في آخر الزمان دَجّالون كذّابون يأتونكم من الأحاديث۷ بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤكم، فإيّاكم و إيّاهم أن يَفتِنوكم أو يُضِلّوكم و هم القُصّاص.۸ رواه أبو هريرة.
و روي: أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام دخل مسجد الكوفة فرأى قاصّا يَقُصُّ، فقال: من هذا؟
1.. زَوّقتُ الكلامَ و الكتابَ إذا حسَّنتَه و قوَّمته ، و المزوَّق : المزيَّن به ، ثمّ كَثُر حتّى سُمِّيَ كلّ مزيَّن بشيء مزوَّق . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۵۰ زوق .
2.. هكذا في المخطوطتين ، و لم نجد معناه ، و لا يبعد أن تكون الكلمة مصحَّفةَ عن «مُهتَجِم» مِن قولهم : اهتَجَمَ الضَّرعَ إذا حَلبَهَ ، و المراد معناه المجازيُّ ، و هو أنّه يَستدِرُّ ما عندهم مِن «الدراهم» بما يزوِّق مِن كلامه ، و ينمِّق مِن خُزَعبلاته ، كما يَستدرُّ الحالبُ ضَرعَ الناقة ، أو ما في معناها. عبد الستّار .
3.. الخِلابة : المخادَعَة . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۳۶۳ خلب .
4.. فيض القدير ، ج ۲ ، ص ۵۶۳ ؛ النهاية في غريب الحديث ، ج ۴ ، ص ۷۱ ؛ لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۷۵ .
5.. مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۱۷۸ و ۱۸۳ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۲۳۵ ، ح ۳۷۵۴ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۴ ، ص ۳۴۳ .
6.. اُنظر : نظريّات الخليفتين للطائي ، ج ۲ ، ص ۳۰۷ .
7.. «ألف» : يأتونكم بالأحاديث .
8.. مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۴۹ ؛ صحيح مسلم ، ج ۱ ، ص ۹ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۰ ، ص ۱۹۴ ، ح ۲۹۰۲۴ مع اختلاف يسير فياللفظ .