265
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

فهم في صهرتها إلاّ أن يُظلّهم اللّه‏ بما شاء من فضله.

و روي: أنّ الصدقةَ تُظِلُّ۱ عليهم كالغمامة و الغَياية۲، يظلّ اللّه‏ تعالى بعض عباده يومئذٍ بعرشه۳ كما ورد في الحديث الصحيح، و نحن مؤمنون بجميع ما قاله مَن لا ينطق عن الهوى الّذي قال فيه: «مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ /۷۵/ عَنْهُ فَانْتَهُوا»۴، فإذا قال صدّقْنا، و إذا حكم حقّقنا.

و الوجه الآخر معنويٌّ مَجازيّ، و هو أنّ المؤمن في منعة الصدقة و عزّها ؛ يعني أنّ ثوابها يؤويه كما يؤوي الظلُّ الضاحيَ، و هذا مَجاز، و اللّه‏ تعالى أعلم بمراد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

و فائدة الحديث: الحثّ على بذل النَّوال۵ في جميع الأحوال، و السخاء بما يفنى و يُعقِب ما يدوم و يبقى.

و راوي الحديث: عُقبة بن عامر.

۱۰۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المُؤمِنُ يَأكُلُ في مِعَاءٍ واحدٍ، وَ الكافِرُ يَأكُلُ في سَبعَةِ أمعاءٍ.۶

«المِعَى» على وزن اللِّوى: واحد الأمعاء، و هي مَجاري الطعام في البطن، و تثنيته مِعَيان، و هذا مَثَل ؛ و ذلك أنّ المؤمن لا يأكل إلاّ من الحلال، و يجتنب الحرام و الشبهة۷ ؛ و الكافر لا يبالي ما أكل، و كيف أكل، و من أين أكل! و إذا كان كذلك فمأكل الكافر أكثر من مأكل المؤمن، و خَصّ السبعةَ /۷۴/بالذِّكر مثلاً كما تُذكر السبعون في مثل هذا الموضع ؛ قال اللّه‏ تعالى: «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّه‏ُ لَهُمْ»۸. و «المِعى» أيضا المِذنب من المذانب،

1.. «ب» : تظلّل .

2.. «ب» : الغيابة .
و الغَياية : السحاب المنفردة ، و قيل : الواقفة . . . الأصمعي : الغَياية كلّ شيء أظَلَّ الإنسان فوق رأسه مثل السحابة و الغَبَرَة و الظلِّ و نحوه . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۴۴ غيو .
و الغيابة : كلّ شيء أظلّك فوق رأسك كالسحابة و الغُبرة ـ بالضم ـ و الظلمة و نحوها . مختار الصحاح ، ص ۲۵۳ (غيي) .

3.. اُنظر: المصنّف للصنعاني، ج ۳، ص ۳۶۶ الهامش؛ شرح مسلم للنووي، ج ۶، ص ۹۰.

4.. الحشر ۵۹ : ۷ .

5.. النَّوال و النائل : العطاء . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۸۳ نول .

6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۱۴ ، ح ۱۳۸ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۱ و ۲۵۷ و ۴۱۵ و مواضع اُخرى ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ،ص ۹۹ ؛ صحيح البخاري ، ج ۶ ، ص ۲۰۰ ؛ صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۱۳۳ . الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۶۸ ، ح ۱ ؛ الخصال ، ج ۲ ، ص ۳۵۱ ، ح ۲۹ ؛ المجازات النبوية ، ص ۳۷۶ ، ح ۲۹۱ ؛ الطرائف ، ص ۵۰۵ .

7.. «ب» : ـ و ذلك أنّ المؤمن . . . و الشبهة .

8.. التوبة ۹ : ۸۰ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
264

و القيامة /۷۳/ يفيد لفظُها أنّها تقوم دفعةً واحدةً، و لذلك اُدخلت فيه الهاء.

و«الظلّ» عبارة عن عدم ضوء الشمس ؛ لحائل يحول، و قيل: الظلّ في الحقيقة ضوء شعاع الشمس دون الشعاع، و إذا لم يكن ضوء فهو ظلمة و ليس بظلٍّ،۱ و قيل: الظِّلُّ ضدّ الضَّحِّ۲، و هو أعمّ من الفيء ؛ لأنّه يقال: ظِلّ الليل و ظلّ الجنّة، و يقال لكلّ موضع لم تصل إليه الشمس ظلّ، و لا يقال فيء إلاّ لما فات الشمس منه،۳ و يعبَّر بالظِّلِّ عن العزّ و المَنَعَة و الرَّفاهة ؛ قال اللّه‏ تعالى: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَ عُيُونٍ»۴، و قال تعالى: «أُكُلُهَا دَائِمٌ وَ ظِلُّهَا»۵، و أظلّني فلان، و أنا في ظلّ فلان.

و لهذا الحديث وجهان من المعنى۶: أحدهما: محسوس، و هو أنّ الشمس يوم القيامة ـ كما ورد في الحديث ـ تُشرق على أهلها العراة الضاحين۷ لها تَصهرهم۸ و تلوّح أبشارهم، و تفجّر به منهم العرق الّذي ينادون منه: الغرقَ الغرقَ! حتّى أنّه تَغلي أَدمِغَتُهم۹ من حرّها ـ على ما ورد في الحديث ـ و حتّى يلجمهم العرق، و الصعيد خالٍ من مُظِلّ،

1.. قاله الجوهري في الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۵۵ ظلل .

2.. «ألف» : الضبح .

3.. قاله الراغب في المفردات ، ص ۳۱۴ ظلل .

4.. المرسلات ۷۷ : ۴۱ .

5.. الرعد ۱۳ : ۳۵ .

6.. «ألف» : ـ من المعنى .

7.. الضاحي من كلّ شيء : البارز الظاهر الذي لا يستره منك حائط و لا غيره . لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۷۸ ضحو .

8.. صَهَرَ الشحمَ و نحوه يَصهَره صَهرا : أذابه فانصهر . و الصهر : الإذابة ، و الصهارة : ما ذاب منه ، و كذلك الإصهار في إذابته و أكل صهارته . انظر: لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۱۲ صهر .

9.. «ب» : أدمعتهم .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3083
صفحه از 503
پرینت  ارسال به