201
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

تجاريهم۱ عند الفطام۲ بردّهمإلى بطنها حتّى كأنّهم أكْلُ۳

و فائدة الحديث: الأمر بالاعتبار و الانزجار، و إعلام أنّ اللّه‏ تعالى قد أحاط علما بالشقيّ و السعيد، فلينظر المرء لنفسه و ما أقدره أن يمحو۴ اسمَه من صحيفة الأشقياء، و يثبته في جريدة السعداء، و لا يتّكل على أنّه إن كان اللّه‏ تعالى يعلم أنّه سعيد فهو سعيد، و بالضدّ ؛ فإنّ الشقيّ إذا انتقل سعيدا كان في سابق علم اللّه‏ تعالى۵ أنّه سيتنصَّل۶ ممّا يحكم عليه بالشقاوة، و ينسلخ منه، و يصير سعيدا، فعلمُ اللّه‏ على ما كان عليه، و هذا واضح، و الحمد للّه‏.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن مسعود رضى‏الله‏عنه، قال: كان رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ‏وسلم يخطبنا و يقول ذلك.

۵۷.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدامَةُ.۷

«الكَفّارة»: ما يغطِّي على الإثم و يستره حتّى كأنّه لم يكن، و أصل الكَفْر: الستر، و منه سُمّي الليل كافرا، و الأكّار۸ كافرا، يقال: كفّر عن يمينه.

و هذا الحديث كالّذي مضى قبل: الندم توبة.۹ /۴۶/ يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ كفّارة الذنب الّتي تَجبر كسره و تغطّيه ـ /۴۷/ بل تمحوه و تُفنيه ـ هي الندامة ؛ و إنّما جَعل الندامة كفّارةً للذنب

1.. «ب» : تحاز بهم .

2.. «ألف» : العظام .

3.. لم نعثر على قائل الأبيات .

4.. «ألف» : تمحو .

5.. «ب» : ـ تعالى .

6.. «ألف» : ستنصل .
و التنصّل : شبه التبرُّو من جناية أو ذنب ، و تنصَّلَ الشيءَ أخرجه : و تنصّلتُ الشيءَ و استنصلتُه : استخرجتُه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۶۴ نصل .

7.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۸۰ ، ح ۷۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۸۹ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۲ ، ص ۱۳۴ ؛ الكامل لابن عدي ،ج ۶ ، ص ۳۸۲ ، ح ۲۴۶ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۷۳ ، ح ۶۲۵۶ ؛ كنز العمّال ، ج ۴ ، ص ۲۱۵ ، ح ۱۰۲۱۸ .

8.. الأكّار : الحَرّاث . . . الأكّار : الزرَّاع . . . و يقال : أكَرتُ الأرضَ أي حَفَرتُها . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۶ أكر .

9.. قد مرّ تخريجه سابقا .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
200

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: /۴۶/ /۴۵/ إنّ السعيد هو الّذي ينظر في أحوال غيره من أمثاله ؛ فيتحرّى لنفسه ما يستحسنه منها، و يتجنّب ما لا يرتضيه ؛ فإنّ غيره كالمرآة له ينظر فيها فتؤدّي إليه حقيقة ما يريد أن يقف عليه، و يتصوّر۱ له فيها ما يريد أن يتحقّقه۲ ؛ و فيه أنّه إذا رأى غيره قد ارتكب ما جرّ عليه وبالاً في أمر دينه أو دنياه اعتبر به، و نصح۳ نفسه، و ردعها عن ارتكاب مثله، فكأنّه واعظ له وَعَظَه فنَجَعَت فيه موعظته۴، و زاجر أخذه بزجره۵ فسَعِدَ بقبوله سعادةً تامّةً، و سَلِمَ بمكانه سلامةً كاملةً عامّةً. و «الشقيّ» من سبق في علم اللّه‏ تعالى شقاؤه۶ إذ هو في بطن اُمّه۷ و قبل ذلك، و۸ لا تأثير لعلم اللّه‏ تعالى في سعادته و شقاوته، بل هو يعلم الأشياء بحقائقها كما هي ؛ إذ هو عالِم لذاته من غير اعتبار علم، فلا يتعدّد علمه مترتّبا على العلوم كالحال فينا، و قد روي عنه عليه‏السلام: السعيد مَن سَعِدَ بعمله، و الشقيّ من شَقِيَ بعمله.۹ و قيل: إنّ المعنى بالاُمّ هاهنا الأرض ؛۱۰ يعني أنّ الشقيّ مَن خرج من الدنيا و لم يتب فيُغفرَ له. و هذا وجه، و قد عَبّروا عن الأرض بالاُمّ كثيرا، قال الشاعر:

و والدة أولادها عدد الحصى

و ما مسّها فحل و ما أزَّها۱۱ بَعْلُ

و تحملهم رفقا بهم فوق ظهرهاطوال الليالي لا تملّ و إن مَلّوا

1.. «ألف» : تصوّر .

2.. «ألف» : + و فيه ما يريد أن يتحقّقه .

3.. هو باللام أفصَح : نَصَحَ لِنَفْسِه . انظر : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۴۱۰ نصح .

4.. نَجَعَ فيه القولُ و الخطاب و الوعظ : عَمِلَ فيه و دَخَلَ و أَثَّرَ ، كما يقال : نَجَعَ فيه الدواء . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۳۴۸ نجع .

5.. «ب» : و آخذ أخذه زجره .

6.. «ب» : شقاوةً .

7.. الكافي ، ج ۸ ، ص ۸۱ ، ح ۳۹ ؛ الأمالي للشيخ الصدوق ، ص ۵۷۶ ، ح ۷۸۸ ؛ التوحيد ، ص ۳۵۶ ، ح الباب ۵۸ ، ح ۲ .

8.. «ألف» : ـ و .

9.. مفاتيح الغيب للرازي ، ج ۵ ، ص ۹۳ لكن الرواية من المعتزلة من الحسن .

10.. اُنظر : مفاتيح الغيب ، ج ۵ ، ص ۹۳ و ۹۴ .

11.. «ألف» : و ما أزّ لها . «ب» : و ما ان لها . و الأزّ : التهييج و الإغراء . و الأزّ : الاختلاط . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۰۷ أزز .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4165
صفحه از 503
پرینت  ارسال به