199
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

الهوى فيما يتخيّل له و يتصوّر من الباطل بصورة الحقّ عنده.

و فائدة الأحاديث: التقدّم بالنصيحة الشافية و الموعظة الكافية، و الأمر بالمحافظة على العلم، و ملازمة الصدق، و ضبط النفس، و الإقبال على العبادة، و فطام النفس عن رضاع البغي و الاستطالة، و تجنّب المنّ و التكبّر و التفاخر و ادّخار الخير و السرف۱ و اتّباع الهوى المضلّ.

و راويها: جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه‏السلام، عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ‏وسلم في وصيّته إليه.

۵۶.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: السَّعيدُ مَن وُعِظَ بغَيرِه، وَ الشَّقيُّ مَن شَقِيَ في بَطنِ اُمِّه.۲

«السعادة»: شمول۳ الفيض الإلهي للإنسان۴، و إعانته له على درك الخير، و قد سَعِدَ يَسعَد سَعادةً فهو سعيد، مثل سلِم سلامةً فهو سليم، و سُعِدَ فهو مسعود. و «الوعظ»: الزجر مع ضرب من التحذير. و قال الخليل رحمه‏الله: «هو التذكير بما يَرقّ له القلب من الخير».۵

و «الشَّقاوة»: ضدّ السعادة، و قد شَقِيَ شِقوةً و شَقاوةً، و كسر الشين في الشقاوة لغة، و إنّما لم تُقلب الواو في الشقاوة همزةً لأنّه بُني على التأنيث في أوّل وضعه، و مثل ذلك النهاية، فلم تكن الواو و الياء حرفي إعرابٍ، و لو كان قد بني على التذكير في أوّل الوضع لكان مهموزا كالصلاءة و العباءة و الغطاءة۶ ؛ لأنّها ما اُعِلَّ أوّلاً، ثمّ اُدخلت الهاء عليه.

1.. «ألف» : الشرف .

2.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۹ ، ح ۷۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۴۵ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۱۸ ، ح ۴۶ ؛ السنن الكبرى ،ج ۷ ، ص ۴۲۲ . الكافي ، ج ۸ ، ص ۷۲ ، ح ۲۹ ؛ و ج ۸ ، ص ۸۱ ، ح ۳۹ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۷ ، ح ۵۷۷۷ و ۵۷۷۸ ؛ تفسير القمّي ، ج ۱ ، ص ۲۹۰ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۵۷۶ ، ح ۱ ؛ الاختصاص ، ص ۳۴۲ .

3.. «ألف» : ـ شمول .

4.. «ب» : الإنسان .

5.. اُنظر : كتاب العين ، ج ۲ ، ص ۲۲۸ وعظ .

6.. «ألف» : كالصلاة و العباة و الغطاة .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
198

«الصَّلَف»: قلّة الخير، و سحابٌ صَلِفٌ۱ قليل الماء، و في المثل: رُبّ صَلَفٍ تحت الراعدة، يضرب /۴۴/ للرجُل يتوعّد بما لا يكون منه. و «الجود»: السخاء، و «السَّرف»: تجاوز القصد. و «الدِّين»: الطاعة، و عُبّر به عن الانقياد للشريعة. و «الهوى»: ميل النفس إلى جانب الشهوات.

و معنى هذه الأحاديث: نهي العالِم عن التغافل و التكاسل [و]ميل النفس۲ عن العلم و المحافظة عليه و التدريس له، و نهي المحدِّث عن الكذب الّذي يذهب برونق حديثه، و يرغِّب الناس عنه، فضلاً عمّا يستحقّه من الذمّ، و يستوجبه من العقوبة ؛ و نهي الحليم عن السفه و۳ السفاهة /۴۵/ الّتي ترجع على حلمه بالنقص، و نهي المتعبّد عن التواني و الفتور في العبادة، و نهي الشجاع عن البغي الّذي تعارف الناس أنّ مرتعه وخيم و أنّ صاحبه لا يكاد يظفر، و نهي الجواد عن المنّ الّذي يكدِّر عطيَّته، و يهدم صنيعته، و يبطل صدقته ؛ و نهي الجميل عن التكبّر الّذي يَشين جمالَه و يَنقص كمالَه، و نهي الحسيب۴ عن الاستطالة و التفاخر الّذي يضع الرفيع ؛ و كفاك مانعا من الافتخار قوله عليه‏السلام: أنا سيّد ولد آدم و لا فخر.۵ و معناه أنّي لا أذكر ذلك على سبيل الافتخار و المباراة، و إلاّ فأيّ مظنّة فخرٍ فوق سيادة سيّد۶ ولد آدم؟!

و نهي الظريف عن ادّخار ما يقدر عليه من الخير على الناس، و نهي المُوسِع عن الإسراف و التبذير الّذي يسرع في ماله و يَفُتّ۷ في عضد حاله، و نهي المتديِّن عن اتّباع

1.. سحاب صَلِفٌ : لا ماء فيه ، و إناء صَلِف : قليل الأخذ من الماء . انظر: لسان العرب، ج ۹، ص ۱۹۷ صلف.

2.. «ب» : ـ ميل النفس .

3.. «ب» : ـ السفه و .

4.. «ب» : الحسب .

5.. الأمالي للصدوق ، ص ۲۵۴ ، ح ۲۷۹ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‏السلام ، ج ۱ ، ص ۳۸ ، ح ۷۸ ؛ روضة الواعظين ، ص ۱۴۲ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۴۴۰ ، ح ۴۳۰۸ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۳۷۰ ، ح ۵۱۵۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص ۶۰۵ .

6.. «ألف» : ـ سيّد .

7.. فَتَّ الشيءَ يفُتُّه فَتّا ، و فَتَّتَه : دَقَّه ، و قيل : كَسَره ، أو كسره بأصابعه . والعرب تقول : فلان يَفُتُّ في عضد فلان و يقدح في ساقه ؛ فالعضد أهل بيته ، و ساقه نفسه ، و العضد أيضا : القوّة . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۶۴ فتت ؛ و ج ۳ ، ص ۲۹۳ (عضد) .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3315
صفحه از 503
پرینت  ارسال به