فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: فَكَيفَ صارَ عُزَيرٌ ابنَ اللّهِ دونَ موسى، وهُوَ الَّذي جاءَهُم بِالتَّوراةِ ورُئِيَ مِنهُ مِنَ المُعجِزاتِ ما قَد عَلِمتُم ؟ ولَئِن كانَ عُزَيرٌ ابنَ اللّهِ، لِما ظَهَرَ مِن إكرامِهِ بِإِحياءِ التَّوراةِ، فَلَقد كانَ موسى بِالبُّنُوَّةِ أولى وأحَقَّ، ولَئِن كانَ هذَا المِقدارُ مِن إكرامِهِ لِعُزَيرٍ يوجِبُ لَهُ أنَّهُ ابنُهُ، فَأضعافُ هذِهِ الكَرامَةِ لِموسى توجِبُ لَهُ مَنزِلَةً أجَلَّ مِنَ البُنُوَّةِ، لِأَنَّكُم إن كُنتُم إنَّما تُريدونَ بِالبُّنُوَّةِ الدَّلالَةَ عَلى سَبيلِ ما تُشاهِدونَهُ في دُنياكُم مِن وِلادَةِ الاُمَّهاتِ الأَولادَ بِوَطىءِ آبائِهِم لَهُنَّ، فَقَد كَفَرتُم بِاللّهِ تَعالى وشَبَّهتُموهُ بِخَلقِهِ، وأوجَبتُم فيهِ صِفاتَ المُحدَثينَ، ووَجَبَ عِندَكُم أن يَكونَ مُحدَثا مَخلوقا، وأن يَكونَ لَهُ خالِقٌ صَنَعَهُ وَابتَدَعَهُ.
قالوا: لَسنا نَعني هذا، فَإِنَّ هذا كُفرٌ كَما ذَكَرتَ، ولكِنّا نَعني أنَّهُ ابنُهُ عَلى مَعنَى الكَرامَةِ، وإن لَم يَكُن هُناكَ وِلادَةً، كَما قَد يَقولُ بَعضُ عُلمائِنا لِمَن يُريدُ إكرامَهُ وإبانَتَهُ بِالمَنزِلَةِ مِن غَيرِهِ: «يا بُنَيَّ»، و «إنَّهُ ابني»، لا عَلى إثباتِ وِلادَتِهِ مِنهُ ؛ لِأَ نَّهُ قَد يَقولُ ذلِكَ لِمَن هُوَ أجنَبِيٌّ لا نَسَبَ لَهُ بَينَهُ وبَينَهُ ؛ وكَذلِكَ لَمّا فَعَلَ اللّهُ تَعالى بِعُزَيرٍ مافَعَلَ، كانَ قَدِ اتَّخَذَهُ ابنا عَلَى الكَرامَةِ لا عَلَى الوِلادَةِ.
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: فَهذا ما قُلتُهُ لَكُم، إنَّهُ إن وَجَبَ عَلى هذَا الوَجهِ أن يَكونَ عُزَيرٌ ابنَهُ، فَإِنَّ هذِهِ المَنزِلَةَ لِموسى أولى، وإنَّ اللّهَ تَعالى يَفضَحُ كُلَّ مُبطِلٍ بِإِقرارِهِ ويَقلِبُ عَلَيهِ حُجَّتَهُ، إنَّ الَّذِي