ثُمَّ قالَ: «الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا» أي إذا أكمَنَ النّارَ الحارَّةَ فِي الشَّجَرِ الأَخضَرِ الرَّطبِ، ثُمَّ يَستَخرِجُها فَعَرَّفَكُم أنَّهُ عَلى إعادَةِ ما بَلِيَ أقدَرُ.
ثُمَّ قالَ: «أَوَ لَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَ تِ وَ الْأَرْضَ بِقَدِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَ هُوَ الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ»۱ أي: إذا كانَ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أعظَمَ وأبعَدَ في أوهامِكُم وقَدَرِكُم أَن تَقدِروا عَلَيهِ مِن إعادَةِ البالي، فَكَيفَ جَوَّزتُم مِنَ اللّهِ خَلقَ هذَا الأَعجَبِ عِندَكُم، وَالأَصعَبِ لَدَيكُم، ولَم تُجَوِّزوا مِنهُ [خَلقَ]ما هُوَ أسهَلُ عِندَكُم مِن إعادَةِ البالي ؟
فَقالَ الصّادِقُ عليهالسلام: فَهذَا الجِدالُ بِالَّتي هِيَ أحسَنُ، لِأَنَّ فيها قَطعَ عُذرِ الكافِرينَ وإزالَةَ شُبَهِهِم.
وأمَّا الجِدالُ بِغَيرِ الَّتي هِيَ أحسَنُ، فَأَن تَجحَدَ حَقّا لايُمكِنُكَ أن تُفَرِّقَ بَينَهُ وبَينَ باطِلِ مَن تُجادِلُهُ، وإنَّما تَدفَعُهُ عَن باطِلِهِ، بِأَن تَجحَدَ الحَقَّ، فَهذا هُوَ المُحَرَّمُ، لِأَنَّكَ مِثلُهُ، جَحَدَ هُوَ حَقّا، وجَحَدت أنتَ حَقّا آخَرَ.
وقالَ أبو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ العَسكَرِيُّ عليهالسلام: فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ آخَرُ وقالَ: يَابنَ رَسولِ اللّهِ، أفجادَلَ رَسولُ اللّهِ ؟
فَقالَ الصّادِقُ عليهالسلام: مَهما ظَنَنتَ بِرَسولِ اللّهِ مِن شَيءٍ، فَلا تَظُنَّنَّ بِهِ