التَفَتَ إلَى الأَحوَلِ، فَقالَ: قَيّاسٌ رَوّاغٌ۱، تَكسِرُ باطِلاً بِباطِلٍ إلاّ أنَّ باطِلَكَ أظهَرُ. ثُمَّ التَفَتَ إلى قَيسٍ الماصِرِ، فَقالَ: تَتَكَلَّمُ وأقرَبُ ما تَكونُ مِنَ الخَبَرِ عَن رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله أبعَدَ ما تَكونُ مِنهُ۲، تَمزُجُ الحَقَّ مَعَ الباطِلِ، وقَليلُ الحَقِّ يَكفي عَن كَثيرِ الباطِلِ، أنتَ والأَحوَلُ قَفّازانِ حاذِقانِ۳.
قالَ يونُسُ: فَظَنَنتُ وَاللّهِ أَنَّهُ يَقولُ لِهِشامٍ قَريبا مِمّا قالَ لَهُما، ثُمَّ قالَ: يا هِشامُ ! لا تَكادُ تَقَعُ تَلوي رِجلَيكَ، إذا هَمَمتَ بِالأَرضِ طِرتَ۴، مِثلُكَ فَليُكَلِّمِ النّاسَ، فَاتَّقِ الزَّلَّةَ، وَالشَّفاعَةُ مِن وَرائِها إن شاءَ اللّهُ۵.
۶. أبو مالك الأحمسيّ: كانَ رَجُلٌ مِن الشُّراةِ۶ يَقدِمُ المَدينَةَ في كُلِّ سَنَةٍ، فَكانَ يَأتي أبا عَبدِاللّهِ عليهالسلام، فَيودِعُهُ ما يَحتاجُ إلَيهِ، فَأَتاهُ سَنَةً مِن تِلكَ
1.قياس على صيغة المبالغة : أي : أنت كثير القياس ، وكذلك روّاغ بإهمال أوّله وإعجام آخره . أي : كثير الروغان ، وهو ما يفعله الثعلب من المكر والحيل . ويقال للمصارعة أيضا الوافي .
2.أي : إذا قربت من الاستشهاد بحديث رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وأمكنك أن تتمسّك به ، تركته وأخذت أمرا آخر بعيدا من مطلوبك الوافي .
3.بالقاف والفاء المشدّدة والزاي من القفز : وهو الوثوب . وفي بعض النسخ «قفاران» بالراء ،من القفر ، وهو : المتابعة والاقتفاء . وفي بعضها بتقديم الفاء على القاف من «فقرت البئر» أي : حفرته مرآة العقول .
4.أيّ : إنّك كلّما قربت من الأرض وخفت الوقوع عليها ، لويت رجليك ـ كما هو شأن الطير عند إرادة الطيران ـ ثمّ طرت ولم تقع مرآة العقول .
5.الكافي : ۱ / ۱۷۱ / ۴ ، الإرشاد للمفيد : ۲ / ۱۹۴ ، الاحتجاج : ۲ / ۲۷۷ / ۲۴۱ ، بحارالأنوار :۴۸ / ۲۰۳ / ۷ .
6.الشراة : اسم اختاره الخوارج لأنفسهم ؛ لأنّهم يعتبرون أنفسهم مصداقا للآية الكريمة : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ . . .» البقرة : ۲۰۷ .