43
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

التَفَتَ إلَى الأَحوَلِ، فَقالَ: قَيّاسٌ رَوّاغٌ۱، تَكسِرُ باطِلاً بِباطِلٍ إلاّ أنَّ باطِلَكَ أظهَرُ. ثُمَّ التَفَتَ إلى قَيسٍ الماصِرِ، فَقالَ: تَتَكَلَّمُ وأقرَبُ ما تَكونُ مِنَ الخَبَرِ عَن رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أبعَدَ ما تَكونُ مِنهُ۲، تَمزُجُ الحَقَّ مَعَ الباطِلِ، وقَليلُ الحَقِّ يَكفي عَن كَثيرِ الباطِلِ، أنتَ والأَحوَلُ قَفّازانِ حاذِقانِ۳.
قالَ يونُسُ: فَظَنَنتُ وَاللّه‏ِ أَنَّهُ يَقولُ لِهِشامٍ قَريبا مِمّا قالَ لَهُما، ثُمَّ قالَ: يا هِشامُ ! لا تَكادُ تَقَعُ تَلوي رِجلَيكَ، إذا هَمَمتَ بِالأَرضِ طِرتَ۴، مِثلُكَ فَليُكَلِّمِ النّاسَ، فَاتَّقِ الزَّلَّةَ، وَالشَّفاعَةُ مِن وَرائِها إن شاءَ اللّه‏ُ۵.

۶. أبو مالك الأحمسيّ: كانَ رَجُلٌ مِن الشُّراةِ۶ يَقدِمُ المَدينَةَ في كُلِّ سَنَةٍ، فَكانَ يَأتي أبا عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام، فَيودِعُهُ ما يَحتاجُ إلَيهِ، فَأَتاهُ سَنَةً مِن تِلكَ

1.قياس على صيغة المبالغة : أي : أنت كثير القياس ، وكذلك روّاغ بإهمال أوّله وإعجام آخره . أي : كثير الروغان ، وهو ما يفعله الثعلب من المكر والحيل . ويقال للمصارعة أيضا الوافي .

2.أي : إذا قربت من الاستشهاد بحديث رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، وأمكنك أن تتمسّك به ، تركته وأخذت أمرا آخر بعيدا من مطلوبك الوافي .

3.بالقاف والفاء المشدّدة والزاي من القفز : وهو الوثوب . وفي بعض النسخ «قفاران» بالراء ،من القفر ، وهو : المتابعة والاقتفاء . وفي بعضها بتقديم الفاء على القاف من «فقرت البئر» أي : حفرته مرآة العقول .

4.أيّ : إنّك كلّما قربت من الأرض وخفت الوقوع عليها ، لويت رجليك ـ كما هو شأن الطير عند إرادة الطيران ـ ثمّ طرت ولم تقع مرآة العقول .

5.الكافي : ۱ / ۱۷۱ / ۴ ، الإرشاد للمفيد : ۲ / ۱۹۴ ، الاحتجاج : ۲ / ۲۷۷ / ۲۴۱ ، بحارالأنوار :۴۸ / ۲۰۳ / ۷ .

6.الشراة : اسم اختاره الخوارج لأنفسهم ؛ لأنّهم يعتبرون أنفسهم مصداقا للآية الكريمة : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ . . .» البقرة : ۲۰۷ .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
42

فَقالَ الشّامِيُّ: يا هذا ! مَن أنظَرُ لِلخَلقِ ؟ أرَبُّهُم أو أنفُسُهُم ؟ فَقالَ هِشامٌ: رَبُّهُم أنظَرُ لَهُم مِنهُم لِأَنفُسِهِم. فَقالَ الشّامِيُّ: فَهَل أقامَ لَهُم مَن يَجمَعُ لَهُم كَلِمَتَهُم ويُقيمُ أوَدَهُم ويُخبِرُهُم بِحَقِّهِم مِن باطِلِهِم ؟ قالَ هِشامٌ: في وَقتِ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أو السّاعَةَ ؟ قالَ الشّامِيُّ: في وَقتِ رَسولِ اللّه‏ِ ؛ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَالسّاعَةَ مَن ؟ فَقالَ هِشامٌ: هذَا القاعِدُ الَّذي تُشَدُّ إلَيهِ الرِّحالُ، ويُخبِرُنا بِأَخبارِ السَّماءِ [وَالأَرضِ] وِراثَةً عَن أبٍ عَن جَدٍّ. قالَ الشّامِيُّ: فَكَيفَ لي أن أعلَمَ ذلِكَ ؟ قالَ هِشامٌ: سَلهُ عَمّا بَدا لَكَ. قالَ الشّامِيُّ: قَطَعتَ عُذري فَعَلَيَّ السُّؤالَ.
فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: يا شامِيُّ ! اُخبِرُكَ كَيفَ كانَ سَفَرُكَ ؟ وكَيفَ كانَ طَريقُكَ ؟ كانَ كَذا و كَذا. فَأَقبَلَ الشّامِيُّ يَقولُ: صَدَقتَ، أسلَمتُ للّه‏ِِ السّاعَةَ. فَقالَ أبوعَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: بَل آمَنتَ بِاللّه‏ِ السّاعَةَ، إنَّ الإِسلامَ قَبلَ الإِيمانِ، وعَلَيهِ يَتَوارَثونَ ويَتَناكَحونَ، وَالإيمانُ عَلَيهِ يُثابَونَ. فَقالَ الشّامِيُّ: صَدَقتَ، فَأَنَا السّاعَةَ أشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّه‏ُ، وأنَّ مُحَمَّدا رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأنَّكَ وَصِيُّ الأَوصِياءِ.
ثُمَّ التَفَتَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام إلى حُمرانَ، فَقالَ: تُجرِي الكَلامَ عَلَى الأَثَرِ فَتُصيبُ۱. وَالتَفَتَ إلى هِشامِ بنِ سالِمٍ، فَقالَ: تُريدُ الأَثَرَ ولا تَعرِفُهُ. ثُمَّ

1.أي : على الأخبار المأثورة عن النبيّ والأئمّة الهداة صلوات اللّه‏ عليهم فتصيب الحقّ ، وقيل : على حيث ما يقتضي كلامك السابق ، فلا يختلف كلامك بل يتعاضد ، ويحتمل أن يكون المراد : على أثر كلام الخصم ، أي جوابك مطابق للسؤال ، والأوّل أظهر مرآة العقول .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 8170
صفحه از 216
پرینت  ارسال به