41
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام لِقَيسٍ الماصِرِ: كَلِّمهُ فَكَلَّمهُ، فَأَقبَلَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام يَضحَكُ مِن كَلامِهِما مِمّا قَد أصابَ الشّامِيَّ.
فَقالَ لِلشّامِيِّ: كَلِّم هذَا الغُلامَ ـ يَعني هِشامَ بنَ الحَكَمِ ـ فَقالَ: نَعَم، فَقالَ لِهِشامٍ: يا غُلامُ سَلني في إمامَةِ هذا، فَغَضِبَ هِشامٌ حَتَّى ارتَعَدَ، ثُمَّ قالَ لِلشّامِيِّ: يا هذا ! أرَبُّكَ أنظَرُ لِخَلقِهِ أم خَلقُهُ لِأَنفُسِهِم ؟ فَقالَ الشّامِيُّ: بَل رَبّي أنظَرُ لِخَلقِهِ. قالَ: فَفَعَلَ بِنَظَرِهِ لَهُم ماذا ؟ قالَ: أقامَ لَهُم حُجَّةً ودَليلاً كَيلا يَتَشَتَّتوا أو يَختَلِفوا، يَتَأَ لَّفُهُم ويُقيمُ أوَدَهُم، ويُخبِرُهُم بِفَرضِ رَبِّهِم. قالَ: فَمَن هُوَ ؟ قالَ: رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. قالَ هِشامٌ: فَبَعدَ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟ قالَ: الكِتابُ وَالسُّنَّةُ. قالَ هِشامٌ: فَهَل نَفَعَنَا اليَومَ الكِتابُ والسُّنَّةُ في رَفعِ الاِختِلافِ عَنّا ؟ قالَ الشّامِيُّ: نَعَم. قالَ: فَلِمَ اختَلَفنا أنَا وأنتَ وصِرتَ إلَينا مِنَ الشّامِ في مُخالَفَتِنا إيّاكَ ؟ قالَ: فَسَكَتَ الشّامِيُّ.
فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام لِلشّامِيِّ: ما لَكَ لا تَتَكَلَّمُ ؟ قالَ الشّامِيُّ: إن قُلتُ: «لَم نَختَلِف» كَذَبتُ، وإن قُلتُ: «إنَّ الكِتابَ وَالسُّنَّةَ يَرفَعانِ عَنَّا الاِختِلافَ» أبطَلتُ، لِأَ نَّهُما يَحتَمِلانِ الوُجوهَ، وإن قُلتُ: «قَدِ اختَلَفنا، وكُلُّ واحِدٍ مِنّا يَدَّعِي الحَقَّ» فَلَم يَنفَعنا إذا الكِتابُ والسُّنَّةُ إلاّ أنَّ لي عَلَيهِ هذِهِ الحُجَّةَ. فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: سَلهُ تَجِدهُ مَلِيّا.


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
40

ثُمَّ قالَ لي: اُخرُج إلَى البابِ فَانظُر مَن تَرى مِنَ المُتَكَلِّمينَ فَأدخِلهُ ؟ قالَ: فَأَدخَلتُ حُمرانَ بنَ أعيَنَ، وكانَ يُحسِنُ‏الكَلامَ، وأدخَلتُ الأَحوَلَ، وكانَ يُحسِنُ الكَلامَ وأدخَلتُ هِشامَ بنَ سالِمٍ، وكانَ يُحسِنُ الكَلامَ، وأدخَلتُ قَيسَ بنَ الماصِرِ، وكانَ عِندي أحسَنَهُم كَلاما، وكانَ قَد تَعَلَّمَ الكَلامَ مِن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهماالسلام، فَلَمَّا استَقَرَّ بِنَا المَجلِسُ ـ وكانَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام قَبلَ الحَجِّ يَستَقِرُّ أيّاما في جَبَلٍ في طَرَفِ الحَرَمِ في فازَةٍ۱ لَهُ مَضروبَةٍ ـ قالَ: فَأَخرَجَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام رَأسَهُ مِن فازَتِهِ، فَإِذا هُوَ بِبَعيرٍ يَخُبُّ۲، فَقالَ: هِشامٌ ورَبِّ الكَعبَةِ۳، قالَ: فَظَنَنّا۴ أنَّ هِشاما رَجُلٌ مِن وُلدِ عَقيلٍ كانَ شَديدَ المَحَبَّةِ لَهُ، قالَ: فَوَرَدَ هِشامُ بنُ الحَكَمِ ـ وهُوَ أوَّلُ مَا اختَطَّت لِحيَتُهُ، ولَيسَ فينا إلاّ مَن هُوَ أكبَرُ سِنّا مِنهُ ـ قالَ: فَوَسَّعَ لَهُ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام وقالَ: ناصِرُنا بِقَلبِهِ ولِسانِهِ ويَدِهِ. ثُمَّ قالَ: يا حُمرانُ ! كَلِّمِ الرَّجُلَ، فَكَلَّمَهُ فَظَهَرَ عَلَيهِ حُمرانُ، ثُمَّ قالَ: يا طاقي! كَلِّمهُ. فَكَلَّمَهُ فَظَهَرَ عَلَيهِ الأَحوَلُ، ثُمَّ قالَ: يا هِشامُ بنُ سالِمٍ! كَلِّمهُ. فَتَعارفا۵، ثُمَّ قالَ

1.الفازة : مَظلّة بين عمودين مجمع البحرين : ۳ / ۱۴۲۲ .

2.الخَببُ : ضرب من العدو النهاية : ۲ / ۳ .

3.يعني : هذا الراكب هشام .

4.«فظننّا . . . إلخ» أي ظننّا أنّه يريد بقوله : هشام ، رجلاً من ولد عقيل .

5.«فتعارفا» في أكثر النسخ بالعين والراء المهملتين والفاء ، أي : تكلّما بما عرف كلّ منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لأحدهما على الآخر . وفي بعضها بالواو والقاف ، أي : تعوق كلّ منهما عن الغلبة . وفي بعضها بالفاء والراء والقاف . وفي بعضها بالعين والراء والقاف «تعارقا» أي : وقعا في العرق ، كناية عن طول المناظرة مرآة العقول . وفي بعضها «فتعاركا» أي : لم يغلب أحدهما على الآخر (الوافي) .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 10950
صفحه از 216
پرینت  ارسال به