39
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

قالَ عَلِيُّ بنُ مَنصورٍ: وكانَ الشّامِيُّ ذَكِيَّ القَلبِ۱.

۵. يونس بن يعقوب: كُنتُ عِندَ أبي عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام فَوَرَدَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ، فَقالَ: إنّي رَجُلٌ صاحِبُ كَلامٍ وفِقهٍ وفَرائِضَ، وقَد جِئتُ لِمُناظَرَةِ أصحابِكَ، فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: كَلامُكَ مِن كَلامِ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أو مِن عِندِكَ ؟ فَقالَ: مِن كَلامِ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ومِن عِندي. فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: فَأَنتَ إذا شَريكُ رَسولِ اللّه‏ِ ؟ قالَ: لا، قالَ: فَسَمِعتَ الوَحيَ عَنِ اللّه‏ِ عَزَّوجَلَّ يُخبِرُكَ ؟ قالَ: لا، قالَ: فَتَجِبُ طاعَتُكَ كَما تَجِبُ طاعَةُ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟ قالَ: لا.
فَالتَفَتَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام إلَيَّ فَقالَ: يا يونُسُ بنُ يَعقوبَ! هذا قَد خَصَمَ نَفسَهُ قَبلَ أن يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: يا يونُسُ! لَو كُنتَ تُحسِنُ الكَلامَ كَلَّمتَهُ، قالَ يونُسُ: فَيالَها مِن حَسرَةٍ، فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداكَ، إنّي سَمِعتُكَ تَنهى عَنِ الكَلامِ وتَقولُ: وَيلٌ لأَِصحابِ الكَلامِ يَقولونَ: هذا يَنقادُ وهذا لا يَنقادُ۲، وهذا يَنساقُ وهذا لا يَنساقُ۳، وهذا نَعقِلُهُ وهذا لا نَعقِلُهُ، فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: إنَّما قُلتُ: فَوَيلٌ لَهُم إن تَرَكوا ما أقولُ وذَهَبوا إلى ما يُريدونَ۴.

1.رجال الكشّي : ۲ / ۵۵۴ / ۴۹۴ ، بحارالأنوار : ۴۷ / ۴۰۷ / ۱۱ .

2.إشارة إلى ما يقول أهل المناظرة في مجادلاتهم : سلَّمنا هذا ولكن لا نسلِّم ذلك الوافي .

3.«وهذاينساق، وهذا لاينساق» إشارة إلى‏قولهم‏للخصم: له‏أن‏يقول كذا وليس‏له‏أن يقول‏كذا الوافي .

4.أي : تركوا ما ثبت منّا وصحّ نقله عنّا من مسائل الدِّين ، وأخذوا بآرائهم فيها فنصروها بمثل هذهالمجادلات الوافي .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
38

وأمّا أبانُ بنُ تَغلِبَ: فَمَغَثَ حَقّا بِباطِلٍ فَغَلَبَكَ. وأمّا زُرارَةُ: فَقاسَكَ فَغَلَبَ قياسُهُ قِياسَكَ. وأمَّا الطَّيّارُ: فَكانَ كَالطَّيرِ يَقَعُ ويَقومُ، وأنتَ كَالطَّيرِ المَقصوصِ لا نُهوضَ لَكَ. وأمّا هِشامُ بنُ سالِمٍ: فَأَحَسَّ أن يَقَعَ ويَطيرَ. وأمّا هِشامُ بنُ الحَكَمِ: فَتَكَلَّمَ بِالحَقِّ فَما سَوَّغَكَ بِريقِكَ.
يا أخا أهلِ الشّامِ! إنَّ اللّه‏َ أخَذَ ضِغثا مِنَ الحَقِّ وضِغثا مِنَ الباطِلِ، فَمَغَثَهُما ثُمَّ أخرَجَهُما إلَى النّاسِ، ثُمَّ بَعَثَ أنبِياءَ يُفَرِّقونَ بَينَهُما، فَفَرَّقَهَا الأَنبِياءُ وَالأَوصِياءُ، وبَعَثَ اللّه‏ُ الأَنبِياءَ لِيُعَرِّفوا ذلِكَ، وجَعَلَ الأَنبِياءَ قَبلَ الأَوصِياءِ، لِيُعلِمَ النّاسَ مَن يُفضِلُ اللّه‏ُ، ومَن يَختَصُّ. ولَو كانَ الحَقُّ عَلى حِدَةٍ، وَالباطِلُ عَلى حِدَةٍ، كُلُّ واحِدٍ مِنهُما قائِمٌ بِشَأنِهِ، مَا احتاجَ النّاسُ إلى نَبِيٍّ ولا وَصِيٍّ، ولكِنَّ اللّه‏َ خَلَطَهُما، وجَعَلَ تَفريقَهُما إلَى الأَنبِياءِ وَالأَئِمَّةِ عليهم‏السلام مِن عِبادِهِ.
فَقالَ الشّامِيُّ: قَد أفلَحَ مَن جالَسَكَ، فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: إنَّ رَسولَ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كانَ يُجالِسُهُ جَبرائيلُ وميكائيلُ، وإسرافيلُ يَصعَدُ إلَى السَّماءِ فَيَأتيهِ بِالخَبَرِ مِن عِندِ الجَبّارِ، فَإِن كانَ ذلِكَ كَذلِكَ فَهُوَ كَذلِكَ.
فَقالَ الشّامِيُّ: اِجعَلني مِن شيعَتِكَ وعَلِّمني !
فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: يا هِشامُ! عَلِّمهُ فَإِنّي اُحِبُّ أن يَكونَ تِلماذا لَكَ.
قال عَلِيُّ بنُ مَنصورٍ وأبو مالِكٍ الحَضرَمِيُّ: رأَينَا الشّامِيَّ عِندَ هِشامٍ بَعدَ مَوتِ أبي عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام، ويَأتِي الشّامِيُّ بِهَدايا أهلِ الشّامِ، وهِشامٌ يُزَوِّدُهُ هَدايا أهلِ العِراقِ.

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 10949
صفحه از 216
پرینت  ارسال به