31
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

الأنانيّة لدى الإنسان:

«ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ»۱.

من وجهة نظر هذا الكتاب السماويّ، لو أنّ الناس كفّوا عن الأعمال غير اللائقة وارتبطوا بخالقهم، سترحل جميع الصراعات المدمّرة عن المجتمع البشريّ، ليس هذا فحسب، بل ستغمر البركات الإلهيّة المختلفة أبناء البشريّة في جميع المجالات المادّيّة والمعنويّة.

«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَتٍ مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَْرْضِ»۲.

ومن هنا كان الأنبياء يعتقدون أنّ سرَّ حلّ شتّى مشاكل المجتمع البشريّ يكمن في العودة إلى اللّه‏ عزّ وجلّ وإلى القيم الإنسانيّة، وما لم يحلّ الناس مشكلتهم مع بارئهم، لن تنفضَّ المشاكل الأساسيّة في حياتهم.

قال نوح عليه‏السلام ـ وهو أوّل أنبياء اُولي العزم ـ لقومه:

«اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُو كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَ يُمْدِدْكُم بِأَمْوَ لٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَل لَّكُمْ جَنَّتٍ وَ يَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَرًا»۳.

وقال هود عليه‏السلام:

«وَيَقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَ يَزِدْكُمْ

1.الروم : ۴۱ .

2.الأعراف : ۹۶ .

3.نوح : ۱۰ - ۱۲ .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
30

وهل سيلبّي العالم هذه الدعوة ؟

وهل ستتوفّر الشروط الكفيلة ـ التي سلفت الإشارة إليها ـ بإثمار حوار الحضارات ؟

وهل ستسمح القوى السياسيّة والاقتصاديّة ـ التي ترى في تقارب الشعوب عائقا أمام مآربها السياسيّة والاقتصاديّة ـ بتوفّر المناخ الذي يجعل من حوار الحضارات حوارا مثمرا ؟

وأخيرا، هل سيؤدّي الاقتراح المذكور وإقراره في الاُمم إلى معالجة داء الصراعات الدوليّة ويقرّب البشريّة نحو حضارة أفضل، أم إنّه سيحفظ في متحف التاريخ ؟

وأنا أرغب ـ كما يرغب جميع المهتمّين بسعادة البشريّة ـ أن تتوفّر الشروط الكفيلة بإنجاح حوار الحضارات، وأن تزول معوّقاته، ويسير أبناء البشريّة في كلِّ يومٍ خطوة صوب السلام والاستقرار والحضارة المُثلى. بيدَ أ نّني أعتقد بأنّ المجتمع البشريّ لن يتسنّى له تحقيق السلام والاستقرار والحضارة المُثلى ما لم يتحرّر من أغلال الأنانيّة بصفتها السبب الكامن وراء جميع الاختلافات والمفاسد، ويتّجه نحو الارتباط بخالقه الذي هو مصدر جميع مظاهر الكمال والجمال.

جذر جميع المفاسد:

يرى القرآن بأنّ جذر جميع المفاسد ـ ومن جملتها الصراعات المدمّرة ـ التي تُلِمّ بالبشريّة هو الأعمال غير اللائقة والناجمة عن النزعة

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 9093
صفحه از 216
پرینت  ارسال به