29
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

وعلى هذا الأساس فإن كان قد ورد في الفصل الرابع تحت عنوان «الحوارات المذمومة» بشأن النهي عن الجدال في القرآن أو في آيات اللّه‏ أو في الدِين، فذلك لا يُراد به النهي عن مطلق الجدال، وإنّما المراد ـ كما ورد في نصّ القرآن۱ ـ هو الجدل المقرون بإحدى آفات الحوار. وهذا يعني أنّ مثل هذه الحوارات لاتساعد على كشف الحقيقة، ولا تنطوي على أيّة فائدة، بل وإنّها مضرّة أيضا.

وعلى هذا المنوال يمكن تقسيم حوار الحضارات من وجهة نظر الإسلام على الأحكام الخمسة، وهي:

۱ ـ الحوارات الحاسمة والمصيريّة، واجبة.

۲ ـ الحوارات المفيدة، راجحة ومستحبّة.

۳ و ۴ ـ الحوارات المضرّة، وهي تنقسم إلى مكروهة ومحرّمة على قدر ضررها.

۵ ـ الحوارات غير المضرّة، مباحة.

أهمّ ملاحظة:

إنّ أهمّ نكتة تتعلّق بتسمية عام ۲۰۰۱ للميلاد باسم عام حوار الحضارات وإقراره في الاُمم المتّحدة هي: إلى أيّ حدّ سيؤدّي هذا الإجراء الإنسانيّ الجميل إلى تقليل التوتّر والصراعات على الصعيد العالميّ ؟

1.اُنظر الفصل الثاني : اتّباع العلم .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
28

في معتقداته وآرائه: أحدهما اتّباعُ الظنِّ، والآخر اتّباع هوى النفس. أمّا الاُمور التي ورد ذكرها في الفصل الثالث تحت عنوان «آفات الحوار» من قبيل: التقليد، والمراء، والخصومة، والغضب، فهي تأتي تبعا للأهواء النفسيَّة.

ويمكن القول باُسلوب آخر: إنَّ ماورد في النصوص الإسلاميّة التي جاء ذكرها في الفصل الثالث في ما يتعلّق بعوامل زلّة الفكر، تعتبر في الحقيقة تبيينا وتفسيرا لمعنى هذه الآية.

أحكام الحوار

وفي ضوء ما سبق ذكره في آداب الحوار وآفاته يمكننا استخلاص ودراسة أحكام وقوانين الحوار في رأي الإسلام، ويمكننا القول بإيجاز:

بشكل عامّ متى ما أدّى حوار الحضارات إلى كشف الحقائق، وقاد إلى وضع منهج صحيح لتكامل الإنسان، وانتهى إلى السير على السبيل الأقوم للحياة والحضارة الفضلى، وساعد على تخفيف حدّة التوتُّر والصراع والحروب وسفك الدماء بين الحضارات، فهو أمر مُحَبّذ، بل ويصبح أحيانا لازما وضروريّا.

وفي مقابل ذلك، متى ما كانت تلك الحوارات عقيمة، أو كانت مضرّة لسبب أو آخر، فهي مرفوضة في رأي الإسلام، كما أنّ الإسلام يذمُّ ويمنع اتّباع الأساليب المغلوطة في الحوار. ولا يحقُّ للمسلم استخدام الأساليب الملتوية واللاّمنطقيّة لإثبات أفضليّة الحضارة الإسلاميّة وأحقّيّتها.

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 8164
صفحه از 216
پرینت  ارسال به