25
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

استنادا إلى هذا الحكم السقيم العام، لا يحظى كلام الأفراد والجماعات الفاقدة لأسباب القوّة السياسيّة أو الاقتصاديّة بأيَّة أهمّيّة واعتبار لدى الآخرين ؛ ولا يمكن تقديم كلامهم المنطقيّ إلى العالم بصفته كلاما قيّما ومعتبرا. وقد أشار أميرالمؤمنين عليه‏السلام إلى هذا المعنى بقوله:

«الفَقرُ يُخرِسُ الفَطِنَ عَن حُجَّتِهِ»۱.

غير أنّ الإسلام بنى حضارة تعطي القيمة عند تقييم الكلام للقول لا للقائل، وحضَّ أتباعه على الإذعان للقول الحقِّ المنسجم مع الموازين العقليَّة والمنطقيَّة حتّى وإن كان صادرا ممّن يعارضهم في المعتقد. وعلى العكس رفض الكلام اللاّصحيح واللاّمنطقي حتّى وإن صدر ممَّن يوافقهم في المعتقد۲.

۲ ـ اتّباع المعايير العقليّة والعلميّة

من وجهة نظر الإسلام لكي يتسنّى للمتحاورين التوصّل إلى الفكر الصائب يجب على المتحاورين أن لايبتعدوا في حوارهم عن المعايير العقليّة والمنطقيّة، و يتحاوروا باُسلوب علميٍّ ويستندوا إلى ما تؤمن ضمائرهم بأنّه حقٌّ، ولا يخرجوا عن إطار البراهين العقليّة، ولا يظنُّوا بأنّ مجهولاتهم العلميّة معلومة، إضافة إلى عدم الخوض في ما ليس لهم به علم ومعرفة كافية. وإذا روعي هذا الجانب من الأدب فهو كفيل بإنهاء

1.نهج البلاغة : الحكمة ۳ .

2.اُنظر الفصل الثاني : النظر إلى القول لا إلى القائل .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
24

لأجل إثبات صحّة الآراء والمعتقدات.

يعرض الفصل الثاني من هذه الرسالة تبيان آراء الإسلام بشأن أفضل سبل الحوار تحت عنوان «آداب الحوار»، ويُعنى الفصل الثالث منها باستعراض الأساليب المغلوطة تحت عنوان «آفات الحوار».

آداب الحوار

في الفصل الثاني وردت آداب الحوار في سبعة بنود يمكن اختزالها إلى أربعة، وهي:

۱ ـ النظر إلى القول لا إلى القائل

في الحقيقة، هذا الأدب يمهِّد السبيل لسائر آداب الحوار. فإذا كان اعتبار و قيمة الكلام يُعطى لمن قال و ليس لما قال، فلا جدوى عندئذٍ من البحث في آداب وآفات الحوار، ولا فائدة من السعي لكشف الحقيقة.

وخلافا لتصوّر أكثر الناس، فإنّ الإسلام يجعل المعيار في قيمة الكلام هو الكلام نفسه لا قائله. في حين أنَّ التصوُّر الذي يحمله عوام الناس في قياس أهمّيَّة واعتبار الكلام هو الاقتدار الاقتصاديّ أو السياسيّ، وقد أشار الإمام عليّ عليه‏السلام إلى هذا الحُكم السقيم بقوله:

«صَوابُ الرَّأيِ بِالدُّوَلِ يُقبلُ بِإِقبالِها ويُدبرُ بِإِدبارِها»۱.

«الدَّولَةُ تَرُدُّ خَطَأَ صاحِبِها صَوابا وصَوابَ ضِدِّهِ خَطاءً»۲.

1.نهج البلاغة : الحكمة ۳۳۹ .

2.غرر الحكم : ۱۸۰۶ .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 8096
صفحه از 216
پرینت  ارسال به