177
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

ومَنافِعَها، وأثَرَ سِفادِها، وفِراخَها ونَسلَها، فَقُلنا عِندَ ذلِكَ إنَّهُ بَصيرٌ، لا كَبَصَرِ خَلقِهِ.
[الراوي] قالَ: فَما بَرِحَ حَتّى أسلَمَ۱.

۱۵۱.يونس بن يعقوب: كانَ عِندَ أبي عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام جَماعَةٌ مِن أصحابِهِ مِنهُم حُمرانُ بنُ أعيَنَ، ومُحَمَّدُ بنُ النُّعمانِ، وهِشامُ بنُ سالِمٍ، والطَيّارُ، وجَماعَةٌ فيهِم هِشامُ بنُ الحَكَمِ وهُوَ شابٌّ، فَقالَ أبوعَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام: يا هِشامُ ! ألا تُخبِرُني كَيفَ صَنَعتَ بِعَمرِو بنِ عُبَيدٍ وكَيفَ سَأَلتَهُ ؟
فَقالَ هِشامٌ: يَابنَ رَسولِ اللّه‏ِ ! إنّي اُجِلُّكَ وأستَحييكَ ولا يَعمَلُ لِساني بَينَ يَدَيكَ.
فَقالَ أبو عَبدِاللّه‏ِ: إذا أمَرتُكُم بِشَيءٍ فَافعَلوا.
قالَ هِشامٌ: بَلَغَني ما كانَ فيهِ عَمرُو بنُ عُبَيدٍ وجُلوسُهُ في مَسجِدِ البَصرَةِ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَيّ، فَخَرَجتُ إلَيهِ ودَخَلتُ البَصرَةَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَأَتَيتُ مَسجِدَ البَصرَةِ فَإِذا أنَا بِحَلقَةٍ كَبيرَةٍ فيها عَمرُو بنُ عُبَيدٍ وعَلَيهِ شَملَةٌ سَوداءُ مُتَّزِرٌ بِها مِن صوفٍ، وشَملَةٌ مُرتَدٍ بِها والنّاسُ يَسأَلونَهُ، فَاستَفرَجتُ النُّاسَ فَأَفرَجوا لي.
ثُمَّ قَعَدتُ في آخِرِ القَومِ عَلى رُكبَتَيَّ ثُمَّ قُلتُ: أيُّهَا العالِمُ ! إنّي

1.التوحيد : ۲۵۰ / ۳ ، عيون أخبار الرضا عليه‏السلام : ۱ / ۱۳۱ / ۲۸ ، الاحتجاج : ۲ / ۳۵۴ / ۲۸۱ ،بحارالأنوار : ۳ / ۳۶ / ۱۲ .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
176

قالَ: لِأَنَّ كُلَّ مَحدودٍ مُتَناهٍ إلى حَدٍّ، وإذَا احتَمَلَ التَّحديدَ احتَمَلَ الزِّيادَةَ، وإذا احتَمَلَ الزِّيادَةَ احتَمَلَ النُّقصانَ، فَهُوَ غَيرُ مَحدودٍ، ولا مُتزايِدٍ ولا مُتناقِصٍ، ولا مُتَجَزٍّ، ولا مُتَوَهَّمٍ.
قالَ الرَّجُلُ: فَأَخبِرني عَن قَولِكُم: «إنَّهُ لَطيفٌ سَميعٌ بَصيرٌ عَليمٌ حَكيمٌ»، أيَكونُ السَّميعُ إلاّ بِالاُذُنِ، وَالبَصيرُ إلاّ بِالعَينِ، وَاللَّطيفُ إلاّ بِعَمَلِ اليَدَينِ، وَالحَكيمُ إلاّ بِالصَّنعَةِ ؟
فَقالَ أبُوالحَسَنِ عليه‏السلام: إنَّ اللَّطيفَ مِنّا عَلى حَدِّ اتِّخاذِ الصَّنعَةِ، أوَ ما رَأَيتَ الرَّجُلَ مِنّا يَتَّخِذُ شَيئا يَلطُفُ فِي اتِّخاذِهِ ؟ فَيُقالُ: «ما ألطَفَ فُلانا !» فَكَيفَ لا يُقالُ لِلخالِقِ الجَليلِ: «لَطيفٌ»، إذ خَلَقَ خَلقا لَطيفا وجَليلاً، ورَكَّبَ فِي الحَيَوانِ أرواحا، وخَلَقَ كُلَّ جِنسٍ مُتَبايِنا عَن جِنسِهِ فِي الصّورَةِ، لا يُشبِهُ بَعضُهُ بَعضا، فَكُلٌّ لَهُ لُطفٌ مِنَ الخالِقِ اللَّطيفِ الخَبيرِ في تَركيبِ صورَتِهِ.
ثُمَّ نَظَرنا إلَى الأَشجارِ وحَملِها أطايِبَها، المَأكولَةَ مِنها وغَيرَ المَأكولَةِ، فَقُلنا عِندَ ذلِكَ إنَّ خالِقَنا لَطيفٌ، لا كَلُطفِ خَلقِهِ في صَنعَتِهِم، وقُلنا إنَّهُ سَميعٌ، لا يَخفى عَلَيهِ أصواتُ خَلقِهِ، ما بَينَ العَرشِ إلَى الثَّرى، مِنَ الذَّرَّةِ إلى أكبَرَ مِنها في بَرِّها وبَحرِها، ولا تَشتَبِهُ عَلَيهِ لُغاتُها، فَقُلنا عِندَ ذلِكَ إنَّهُ سَميعٌ لا بِاُذُنٍ، وقُلنا إنَّهُ بَصيرٌ لا بِبَصَرٍ، لِأَ نَّهُ يَرى أثَرَ الذَّرَّةِ السَّحماءِ فِي اللَّيلَةِ الظَّلماءِ عَلَى الصَّخرَةِ السَّوداءِ، ويَرى دَبيبَ النَّملِ فِي اللَّيلَةِ الدُّجيَةِ، ويَرى مَضارَّها

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 9584
صفحه از 216
پرینت  ارسال به