173
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

قالَ عليه‏السلام: لا. إنَّ الأَعمالَ لَيسَت بِأَجسامٍ، وإنَّما هِيَ صِفَةُ ما عَمِلوا، وإنّما يَحتاجُ إلى وَزنِ الشَّيءِ مَن جَهِلَ عَدَدَ الأَشياءِ، ولا يَعرِفُ ثِقلَها وخِفَّتَها، وإنَّ اللّه‏َ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ.
قالَ: فَما مَعنَى الميزانِ ؟
قالَ عليه‏السلام: العَدلُ.
قالَ: فَما مَعناهُ في كِتابِهِ: «فَمَن ثَقُلَتْ مَوَ زِينُهُو»۱ ؟
قالَ عليه‏السلام: فَمَن رَجَحَ عَمَلُهُ.
قالَ: فَأَخبِرني أوَ لَيسَ فِي النّارِ مُقنعٌ أن يُعَذِّبَ خَلقَهُ بِها دونَ الحَيّاتِ وَالعَقارِبِ ؟
قالَ عليه‏السلام: إنَّما يُعَذِّبُ بِها قَوما زَعَموا أنَّها لَيسَت مِن خَلقِهِ. إنَّما شَريكُهُ الَّذي يَخلُقُهُ، فَيُسَلِّطُ اللّه‏ُ عَلَيهِمُ العَقارِبَ وَالحَيّاتِ فِي النّارِ، لِيُذيقَهُم بِها وبالَ ما كَذَبوا عَلَيهِ فَجَحَدوا أن يَكونَ صَنَعَهُ.
قالَ: فَمِن أينَ قالوا: إنَّ أهلَ الجَنَّةِ يَأتِي الرَّجُلُ مِنهُم إلى ثَمَرَةٍ يَتَناوَلُها، فَإِذا أكَلَها عادَت كَهَيئَتِها ؟
قالَ عليه‏السلام: نَعَم، ذلِكَ عَلى قِياسِ السِّراجِ، يَأتي القابِسُ فَيَقتَبِسُ مِنهُ، فَلا يَنقُصُ مِن ضَوئِهِ شَيءٌ، وقَدِ امتَلَتِ الدُّنيا مِنهُ سِراجا.
قالَ: أ لَيسوا يَأكُلونَ ويَشرَبونَ، وتَزعُمُ أنَّهُ لا يَكونُ لَهُمُ الحاجَةُ ؟

1.المؤمنون : ۱۰۲ .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
172

كُلُّ ذلِكَ فِي التُّرابِ مَحفوظٌ عِندَ مَن لا يَعزُبُ عَنهُ مِثقالُ ذَرَّةٍ في ظُلُماتِ الأَرضِ، ويَعلَمُ عَدَدَ الأَشياءِ ووَزنَها ؛ وإنَّ تُرابَ الرّوحانِيِّينَ بِمَنزِلَةِ الذَّهَبِ فِي التُّرابِ، فَإِذا كانَ حينَ البَعثِ مُطِرَتِ الأَرضُ مَطَرَ النُّشورِ، فَتَربُو الأَرضُ ثُمَّ تَمَخَّضوا مَخضَ۱ السِّقاءِ، فَيَصيرُ تُرابُ البَشَرِ كَمَصيرِ الذَّهَبِ مِنَ التُّرابِ إذا غُسِلَ بِالماءِ، وَالزَّبَدِ مِنَ اللَّبَنِ إذا مُخِضَ، فَيَجتَمِعُ تُرابُ كُلِّ قالَبٍ إلى قالَبِهِ، فَيَنتَقِلُ بِإِذنِ اللّه‏ِ القادِرِ إلى حَيثُ الرَّوح، فَتَعودُ الصُّوَرُ بِإِذنِ المُصَوِّرِ كَهَيئَتِها، وتَلِجُ الرّوحُ فيها، فَإِذا قَدِ استَوى لا يُنكِرُ مِن نَفسِهِ شَيئا.
قالَ: فَأَخبِرني عَنِ النّاسِ يُحشَرونَ يَومَ القِيامَةِ عُراةً ؟
قالَ عليه‏السلام: بَل يُحشَرونَ في أكفانِهِم.
قالَ: أنّى لَهُم بِالأَكفانِ وقَد بَلِيَت ؟!
قالَ عليه‏السلام: إنَّ الَّذي أحيا أبدانَهُم جَدَّدَ أكفانَهُم.
قالَ: فَمَن ماتَ بِلا كَفَنٍ ؟
قالَ عليه‏السلام: يَستُرُ اللّه‏ُ عَورَتَهُ بِما يَشاءُ مِن عِندِهِ.
قالَ: أفَيَعرِضونَ صُفوفا ؟
قالَ عليه‏السلام: نَعَم، هُم يَومَئِذٍ عِشرونَ ومِائَةُ ألفِ صَفٍّ في عَرضِ الأَرضِ.
قالَ: أوَ لَيسَ توزَنُ الأَعمالُ ؟

1.مَخَضَ اللبَنَ يَمخِضُهُ : أخذ زُبدَهُ القاموس المحيط : ۲ / ۳۴۳ .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 9594
صفحه از 216
پرینت  ارسال به