169
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

فَيَقولُ: رَبّي يَراني، وحَفَظَتي عَلَيَّ بِذلِكَ تَشهَدُ، وإنَّ اللّه‏َ بِرَأفَتِهِ ولُطفِهِ أيضا وَكَّلَهُم بِعِبادِهِ، يَذُبّونَ عَنهُم مَرَدَةَ الشَّيطانِ وهَوامَّ الأَرضِ، وآفاتٍ كَثيرَةً مِن حَيثُ لا يَرَونَ بِإِذنِ اللّه‏ِ إلى أن يَجيءَ أمرُ اللّه‏ُ عَزَّوجَلَّ.
قالَ: فَخَلَقَ الخَلقَ لِلرَّحمَةِ أم لِلعَذابِ ؟
قالَ: خَلَقَهُم لِلرَّحمَةِ، وكانَ في عِلمِهِ قَبلَ خَلقِهِ إيّاهُم، أنَّ قَوما مِنهُم يَصيرونَ إلى عَذابِهِ بِأَعمالِهِمُ الرَّديَّةِ وجَحدِهِم بِهِ.
قالَ: يُعَذِّبُ مَن أنكَرَ فَاستَوجَبَ عَذابَهُ بِإِنكارِهِ [مَن خَلَقَهُ] فَبِمَ يُعَذِّبُ مَن وَحَّدَهُ وعَرَفَهُ ؟
قالَ: يُعَذِّبُ المُنكِرَ لاِءِلهِيَّتِهِ عَذابَ الأَبَدِ، ويُعَذِّبُ المُقِرَّ بِهِ عَذابَ عُقوبَةٍ لِمَعصِيَتِهِ إيّاهُ فيما فَرَضَ عَلَيهِ، ثُمَّ يَخرُج، ولا يَظلِمُ رَبُّكَ أحَدا.
قالَ: فَبَينَ الكُفرِ والإِيمانِ مَنزِلَةٌ ؟
قالَ عليه‏السلام: لا.
قالَ: فَمَا الإِيمانُ ومَا الكُفرُ ؟
قالَ عليه‏السلام: الإِيمانُ: أن يُصَدِّقَ اللّه‏َ فيما غابَ عَنهُ عَن عَظَمَةِ اللّه‏ِ، كَتَصديقِهِ بِما شاهَدَ مِن ذلِكَ وعايَنَ، وَالكُفرُ: الجُحودُ.
قالَ: فَمَا الشِّركُ ومَا الشَّكُّ ؟


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
168

ولكِنَّهُ إن مَرِضَ فَلَم يَنفَعهُ، وإن ماتَ فَعَجَزَ عَن رَدِّهِ، إنَّ مَنِ استَطاعَ أن يَخلُقَ خَلقا ويَنفُخَ فيهِ روحا حَتّى يَمشِيَ عَلى رِجلَيهِ سَوِيّا يَقدِرُ أن يَدفَعَ عَنهُ الفَسادَ.
قالَ: فَما تَقولُ في عِلمِ النُّجومِ ؟۱
قالَ: هُوَ عِلمٌ قَلّتَ مَنافِعُهُ، وكَثُرَت مَضَرّاتُهُ، لِأَ نَّهُ لا يُدفَعُ بِهِ المَقدورُ ولا يُتَّقى بِهِ المَحذورُ، إن أخبَرَ المُنَجِّمُ بِالبَلاءِ لَم يَنجَهُ التَّحَرُّزُ مِنَ القَضاءِ، وإن أخبَرَ هُوَ بِخَيرٍ لَم يَستَطِع تَعجيلَهُ، وإن حَدَثَ بِهِ سوءٌ لَم يُمكِنهُ صَرفُهُ، والمُنَجِّمُ يُضادُّ اللّه‏َ في عِلمِهِ، بِزَعمِهِ أنَّهُ يَرُدُّ قَضاءَ اللّه‏ِ عَن خَلقِهِ.
قالَ: فَالرَّسولُ أفضَلُ أمِ المَلَكُ المُرسَلُ إلَيهِ ؟
قالَ: بَلِ الرَّسولُ أفضَلُ.
قالَ: فَما عِلَّةُ المَلائِكَةِ المُوَكَّلينَ بِعِبادِهِ، يَكتُبونَ ما عَلَيهِم ولَهُم، واللّه‏ُ تَعالى عالِمُ السِّرِّ وما هُوَ أخفى ؟
قالَ: اِستَعبَدَهُم بِذلِكَ وَجعَلَهُم شُهودا عَلى خَلقِهِ، لِيَكونَ العِبادُ لِمُلازَمَتِهِم إيّاهم أشَدَّ عَلى طاعَةِ اللّه‏ِ مُواظَبَةً، وعَن مَعصِيَتِهِ أشَدَّ انقِباضا، وكَم مِن عَبدٍ يَهِمُّ بِمَعصِيَةٍ فَذَكَرَ مَكانَهُما فَارعَوى۲ وكَفَّ،

1.يتبيّن من التأمّل في متن الحديث ونظائره أنّ المقصود من علم النجوم في هذه الأحاديث ، ليسالعلم بمفهومه المعاصر ، بل المقصود هو التعرّف على تأثير النجوم في مصير الإنسان ، والتنبّؤ بحوادث المستقبل عن طريق المطالعة في سير الكواكب مطلقا ، أو على أنّها مؤثّرات .

2.رعا يرعو : كفّ عن الأمر ، وقد ارعَوَى عن القبيح : ارتدع مجمع البحرين : ۲ / ۷۱۲ .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 9604
صفحه از 216
پرینت  ارسال به