بِالطّاعَةِ نالوا مِن اللّهِ الكَرامَةَ وَالمَنزِلَةَ الرَّفيعَةَ عِندَهُ، وهؤُلاءِ الَّذينَ لَهُمُ الشَّرَفُ وَالفَضلُ والحَسَبُ، وسائِرُ النّاسِ سِواءٌ، ألا مَنِ اتَّقَى اللّهَ أكرَمَهُ، ومَن أطاعَهُ أحَبَّهُ، ومَن أحَبَّهُ لَم يُعَذِّبهُ بِالنّارِ.
قالَ: فَأَخبِرني عَنِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ كَيفَ لَم يَخلُقِ الخَلقَ كُلَّهم مُطيعينَ مُوَحِّدينَ وكانَ عَلى ذلِكَ قادِرا ؟
قالَ عليهالسلام: لَو خَلَقَهُم مُطيعينَ لَم يَكُن لَهُم ثَوابٌ ؛ لِأَنَّ الطّاعَةَ إذا ما كانتَ فِعلَهُم لَم تَكُن جَنَّةٌ ولا نارٌ، ولكِن خَلَقَ خَلقَهُ فَأَمَرَهُم بِطاعَتِهِ ونَهاهُم عَن مَعصِيَتِهِ وَاحتَجَّ عَلَيهِم بِرُسُلِهِ وقَطَعَ عُذرَهُم بِكُتُبِهِ، لِيَكونوا هُمُ الَّذينَ يُطيعونَ ويَعصونَ ويَستَوجِبونَ بِطاعَتِهِم لَهُ الثَّوابَ وبِمَعصِيَتِهِم إيّاهُ العِقابَ.
قالَ: فَالعَمَلُ الصّالِحُ مِنَ العَبدِ هُوَ فِعلُهُ، وَالعَمَلُ الشَرُّ مِنَ العَبدِ هُوَ فِعلُهُ.
قالَ: العَمَلُ الصّالِحُ مِنَ العَبدِ بِفِعلِهِ وَاللّهُ بِهِ أمَرَهُ، والعَمَلُ الشَّرُّ مِنَ العَبدِ بِفِعلِهِ وَاللّهُ عَنهُ نَهاهُ.
قالَ: ألَيسَ فَعَلَهُ بِالآلَةِ الَّتي رَكَّبَها فيهِ ؟
قالَ: نَعَم، ولكِن بِالآلَةِ الَّتي عَمِلَ بِهَا الخَيرَ قَدَرَ عَلَى الشَّرِّ الَّذي نَهاهُ عَنهُ.
قالَ: فَإِلَى العَبدِ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ؟
قالَ: ما نَهاهُ اللّهُ عَن شَيءٍ إلاّ وقَد عَلِمَ أنَّهُ يُطيقُ تَركَهُ، ولا أمَرَهُ