في أحوالِهِم عَلى مُشارَكَتِهِم لَهُم فِي الخَلقِ وَالتَّركيبِ، مُؤَيَّدينَ مِن عِندِ الحَكيمِ العَليمِ، بِالحِكمَةِ وَالدَّلائِلِ وَالبَراهينِ وَالشَّواهِدِ: مِن إحياءِ المَوتى، وإبراءِ الأَكمَهِ وَالأَبرَصِ، فَلا تَخلُو الأَرضُ مِن حُجَّةٍ يَكونُ مَعَهُ عِلمٌ يَدُلُّ عَلى صِدقِ مَقالِ الرَّسولِ ووُجوبِ عَدالَتِهِ.
ثُمَّ قالَ عليهالسلام بَعدَ ذلِكَ ـ: نَحنُ نَزعُمُ أنَّ الأَرضَ لا تَخلو مِن حُجَّةٍ، ولا تَكونُ الحُجَّةُ إلاّ مِن عَقِبِ الأَنبِياءِ، وما بَعَثَ اللّهُ نَبِيّا قَطُّ مِن غَيرِ نَسلِ الأَنبِياءِ، وذلِكَ أنَّ اللّهَ شَرَعَ لِبَني آدَمَ طَريقا مُنيرا، وأخرَجَ مِن آدَمَ نَسلاً طاهِرا طَيِّبا، أخرَجَ مِنهُ الأَنبِياءَ وَالرُّسُلَ، هُم صَفوَةُ اللّهِ، وخُلَّصُ الجَوهَرِ، طُهِّروا فِي الأَصلابِ، وحُفِظوا فِي الأَرحامِ، لَم يُصِبهُم سِفاحُ الجاهِلِيَّةِ، ولا شابَ أنسابُهُم ؛ لِأَنَّ اللّهَ عَزَّوجَلَّ جَعَلَهُم في مَوضِعٍ لا يَكونُ أعلى دَرَجَةً وشَرَفا مِنهُ، فَمَن كانَ خازِنَ عِلمِ اللّهِ، وأمينَ غَيبِهِ ومُستَودَعَ سِرِّهِ، وحُجَّتَهُ عَلى خَلقِهِ، وتَرجُمانَهُ ولِسانَهُ، لا يَكونُ إلاّ بِهذِهِ الصِّفَةِ، فَالحُجَّةُ لا تَكونُ إلاّ مِن نَسلِهِم، يَقومُ مَقامَ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله فِي الخَلقِ بِالعِلمِ الَّذي عِندَهُ ووَرِثَهُ عَنِ الرَّسولِ، إن جَحَدَهُ النّاسُ سَكَتَ، وكانَ بَقاءُ ما عَلَيهِ النّاسُ قَليلاً مِمّا في أيديهِم مِن عِلمِ الرَّسولِ عَلَى اختِلافٍ مِنهُم فيهِ، قَد أقاموا بَينَهُمُ الرَّأيَ وَالقِياسَ، وإنَّهُم إن أقَرّوا بِهِ وأطاعوهُ وأخَذوا عَنهُ، ظَهَرَ العَدلُ وذَهَبَ الاِختِلافُ وَالتَّشاجُرُ وَاستَوَى الأَمرُ وأبانَ الدّينُ، وغَلَبَ عَلَى الشَّكِّ اليَقينُ، ولا يَكادُ أن يُقِرَّ النّاسُ بِهِ، ولا يُطيعوا لَهُ أو يَحفَظوا لَهُ بَعدَ فَقدِ الرَّسولِ، وما مَضى رَسولٌ ولا نَبِيٌّ قَطُّ إلاّ وقَد تَختَلِفُ اُمَّتُهُ مِن