وقَد أنزَلتَ الشَّهوَةَ حَتّى تَخرُجَ مِنكَ بِقَدرِ ما تَخرُجُ مِنكَ فِي اليَقظَةِ، هذا كَسرٌ لِحُجَّتِكَ فِي السَّرابِ.
قالَ: ما يَرَى المُحتَلِمُ في مَنامِهِ شَيئا إلاّ ما كانَت حَواسُّهُ دَلَّتَ عَلَيهِ فِي اليَقظَةِ.
قُلتُ: ما زِدتَ عَلى أن قَوَّيتَ مَقالتي، وزَعَمتَ أنَّ القَلبَ يَعقِلُ الأَشياءَ ويَعرِفُها بَعدَ ذَهابِ الحَواسِّ ومَوتِها فَكَيفَ أنكَرتَ أنَّ القَلبَ يَعرِفُ الأَشياءَ وهُوَ يَقظانُ مُجتَمِعَةٌ لَهُ حَواسُّهُ...
قالَ: لَقَد كُنتُ أظُنُّكَ لا تَتَخَلَّصُ مِن هذِهِ المَسأَلَةِ وقَد جِئتَ بِشَيءٍ لا أقدِرُ عَلى رَدِّهِ! قُلتُ: وأنا اُعطيكَ تَصاديقَ ما أنبَأتُكَ بِهِ وما رَأَيتَ في مَنامِكَ في مَجلِسِكَ السّاعَةَ.
قالَ: اِفعَل فَإِنّي قَد تَحَيَّرتُ في هذِهِ المَسأَلَةِ.
قُلتُ: أخبِرني هَل تُحَدِّثُ نَفسَكَ مِن تِجارَةٍ أو صَناعَةٍ أو بِناءٍ أو تَقديرِ شَيءٍ وتَأمُرُ بِهِ إذا أحكَمتَ تَقديرَهُ في ظَنِّكَ ؟
قالَ: نَعَم.
قُلتُ: فَهَل أشرَكتَ قَلبَكَ في ذلِكَ الفِكرِ شَيئا مِن حَواسِّكَ ؟
قالَ: لا.
قُلتُ: أفَلا تَعلَمُ أنَّ الَّذي أخبَرَكَ بِهِ قَلبُكَ حَقٌّ ؟ قالَ: اليَقينُ هُوَ۱.