وَالطَّيرَ اللاّقِطَ عَلى لَقطِ الحَبِّ، وَالسِّباعَ عَلى ابتِلاعِ اللَّحمِ ؟
قالَ: لَستُ أجِدُ القَلبَ يَعلَمُ شَيئا إلاّ بِالحَواسِّ...
[قلت:] فَهَل رَأَيتَ فِي المَنامِ أنَّكَ تَأكُلُ وتَشرَبُ حَتّى وَصَلَت لَذَّةُ ذلِكَ إلى قَلبِكَ ؟ قالَ: نَعَم.
قُلتُ: فَهَل رَأَيتَ أنَّكَ تَضحَكُ وتَبكي وتَجولُ فِي البُلدانِ الَّتي لَم تَرَها والَّتي قَد رَأَيتَها حَتّى تَعلَمَ مَعالِمَ ما رَأَيتَ مِنها ؟
قالَ: نعم، ما لا اُحصي. قُلتُ: هَل رَأَيتَ أحَدا مِن أقارِبِكَ مِن أخٍ أو أبٍ أو ذي رَحِمٍ قَد ماتَ قَبلَ ذلِكَ حَتّى تَعلَمَهُ وتَعرِفَهُ كَمَعرِفَتِكَ إيّاهُ قَبلَ أن يَموتَ ؟
قالَ: أكثَرُ مِنَ الكَثيرِ.
قُلتُ: فَأَخبِرني أيُّ حَواسِّكَ أدرَكَ هذِهِ الأَشياءَ في مَنامِكَ حَتّى دَلَّت قَلبَكَ عَلى مُعايَنَةِ المَوتى وكَلامِهِم، وأكلِ طَعامِهِم، وَالجَوَلانِ فِي البُلدانِ، وَالضِّحكِ وَالبُكاءِ وغَيرِ ذلِكَ ؟
قالَ: ما أقدِرُ أن أقولَ لَكَ أيُّ حَواسّي أدرَكَ ذلِكَ أو شَيئا مِنهُ، وكَيفَ تُدرِكُ وهِيَ بِمَنزِلَةِ المَيِّتِ لا تَسمَعُ ولا تُبصِرُ ؟
قُلتُ: فَأَخبِرني حَيثُ استَيقَظتَ ألَستَ قَد ذَكَرتَ الَّذي رَأَيتَ في مَنامِكَ تَحفِظُهُ وتَقُصُّهُ بَعدَ يَقظَتِكَ عَلى إخوانِكَ لا تَنسى مِنهُ حَرفا ؟
قالَ: إنَّهُ كَما تَقولُ ورُبَّما رَأَيتُ الشَّيءَ في مَنامي، ثُمَّ لا اُمسي