13
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

فلسفة حوار۱ الحضارات

لا شكّ في أنّ أحد السبل الرئيسيّة لإزالة التوتّر على الصعيد الدوليّ يكمن في النظرة الواقعيّة وتقليص الاختلافات عن طريق تقريب

1.الحوار مأخوذ من «الحور» . وللحور ثلاثة اُصول : أحدها اللون ، والآخر الرجوع ، والثالث أنيدور الشيء دورا معجم مقاييس اللغة : ۲ / ۱۱۵ ـ ۱۱۶ . ويبدو أنّ الحوار مأخوذ من الحور بمعنى الرجوع ، والحوار يقال على ما يجري بين شخصين بحيث يسمع كلٌّ منهما بعد كلامه ردّا من الآخر . ولهذا يقال : «كلّمته فما رجع إليّ حوارا» (بفتح الحاء وكسرها) (المصدر نفسه) . أو بعد أن يقول أحد الطرفين شيئا ، يقولون : إنّ الآخر لم يحر جوابا ، أي : لم يرجع ولم يردّ (تاج العروس : ۶ / ۳۱۷) . ويبدو أنّ الحوار بالمعنى المذكور يشمل معاني الاحتجاج ، والجدال ، والمراء ، والمكابرة ، والمناظرة .
نأتي في مايلي على توضيح هذه المصطلحات :
الاحتجاج : معناه إقامة الحجّة لإثبات المطلوب . والمعنى اللغويّ للحجَّة هو القصد . وتأتي بمعنى الدليل والبرهان ، أو الدليل الذي يُغلب به الخصم . ووجه مناسبة هذا المعنى إلى المعنى اللغوي للـ «حجّة» هو أنّه يُقصد المطلوب (معجم مقاييس اللغة : ۲ / ۲۹ ـ ۳۰ ، المصباح المنير : ۱۲۱ ، ترتيب كتاب العين : ۱۶۴ ، الصحاح : ۱ / ۳۰۳ ـ ۳۰۴) . وفي «الاحتجاج» قد لا يكون لدى الطرف المقابل موقفٌ معيّن ، وهو يطلب الدليل فحسب . وقد يكون لديه موقف معيّن ـ كما سنرى ـ وهذا هو ما يُسمّى بالجدل . وعلى هذا الأساس فإنّ العلاقة بين الاحتجاج والجدل هي علاقة عموم وخصوص مطلق ، والاحتجاج يشمل الجدل .
«الجدل» في اللغة هو بمعنى الإتقان وشدّة الخصومة . والجدال والمجادلة هما مصدرا باب المفاعلة ، بمعنى النقاش المتبادل الذي يحاول فيه كل من الجانبين إثبات مدّعاه و إبطال رأي الطرف المقابل (معجم مقاييس اللغة : ۱ / ۴۳۳ ـ ۴۳۴ ، المصباح المنير : ۹۳ ، ترتيب كتاب العين : ۱۳۰ ، الصحاح : ۴ / ۱۶۵۳) .
وهذا يعني فيالجدل‏أن يكون لدى كلّ واحد من‏الطرفين موقفه‏وكلّ يسعى إلى‏إثبات موقفه و إلزام الخصم .
أمّا المعنى اللغوي للـ «مراء» فهو الصلابة والشدّة ، ويقال للكلام الذي فيه بعض الشدّة . ويأتي المراء والامتراء بمعنى الشكّ أيضا ، وهو يقال للجدال المقرون بالشكّ والريبة .


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
12

صراع الحضارات

ينبثق اختلاف الحضارات عادة عن اعتقاد الأقوام والشعوب والأحزاب والجماعات، بل وكلّ فرد بصحّة آرائه وأحقّية معتقداته وأخلاقه وسلوكه دون الآخرين. وقد قال الإمام الصادق عليه‏السلام في هذا المعنى:

«ثَلاثُ خِلالٍ يَقولُ كُلُّ إنسانٍ إنَّهُ عَلى صَوابٍ مِنها: دينُهُ الَّذي يَعتَقِدُهُ، وهَواهُ الَّذي يَستَعلي عَلَيهِ، وتَدبيرُهُ في اُمورِهِ»۱.

يشير هذا الحديث إلى أهمّ عوامل اختلاف الحضارات. فمحدوديّة القوى المدركة من جهة، والتعصّب والتقليد الأعمى والنزعة النفعيّة، أو قُل: كلّ النوازع النفسيّة من جهة اُخرى، تؤدّي بكلّ جماعة إلى الاعتقاد بصواب معتقداتها الدينيّة والسياسيّة وأساليبها الإداريّة، وبطلان ما سواها. وبعبارة أدقّ:

إنّ اعتبار الذات حقّا لدى الفرد أو الجماعة هي الأساس في اختلاف الحضارات. وإذا لم يُعالج هذا الداء فإنّه يُفضي إلى الصراع بين الحضارات وربّما يؤدّي في الظروف الراهنة إلى تدميرها جميعا بسبب ما تملكه القوى الكبرى من أسلحة الدمار الشامل.

1.تحف العقول : ۳۲۱ .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 8126
صفحه از 216
پرینت  ارسال به