123
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

وَالمَلائِكَةِ قَبيلاً يُقابِلونَنَا ونُعايِنُهُم». فَإِنّ هذا مِنَ المُحالِ الَّذي لاخِفاءَ بِهِ، لِأَنَّ رَبَّنا عَزَّ وجَلَّ لَيسَ كَالمَخلوقينَ يَجيءُ ويَذهَبُ، وَيَتَحرَّكُ ويُقابِلُ شَيئا حَتّى يُؤتى بِهِ، فَقَد سَأَلتُم بِهذَا المُحالَ، وإنَّما هذَا الَّذي دَعَوتَ إلَيهِ، صِفَةُ أصنامِكُمُ الضَّعيفَةِ المَنقوصَةِ الَّتي لا تَسمَعُ، ولا تُبصِرُ، ولا تَعلَمُ، ولا تُغني عَنكُم شَيئا ولا عَن أحَدٍ.
يا عَبدَاللّه‏ ! أوَ لَيسَ لَكَ ضِياعٌ وجِنانٌ بِالطّائِفِ، وعَقارٌ بِمَكَّةَ وقُوّامٌ عَلَيها ؟
قالَ: بَلى.
قالَ: أفَتُشاهِدُ جَميعَ أحوالِها بِنَفسِكَ، أو بِسُفَراءَ بَينَكَ وبَينَ مُعامِليكَ ؟
قالَ: بِسُفَراءَ.
قالَ: أرَأَيتَ لَو قالَ مُعامِلوكَ وأكَرَتُكَ وخَدَمُكَ لِسُفَرائِكَ: «لانُصَدِّقُكُم في هذِهِ السِّفارَةِ إلاّ أن تَأتونا بِعَبدِاللّه‏ِ بنِ أبي اُمَيَّةَ لِنُشاهِدَهُ فَنَسمَعَ ما تَقولونَ عَنهُ شِفاها»، كُنتَ تُسَوِّغُهُم هذا ؟ أوَ كانَ يَجوزُ لَهُم عِندَكَ ذلِكَ ؟
قالَ: لا.
قالَ: فَمَا الَّذي يَجِبَ عَلى سُفرائِكَ ؟ ألَيسَ أن يَأتوهُم عَنكَ بِعَلامَةٍ صَحيحَةٍ تَدُلُّهُم عَلى صِدقِهِم فَيَجِبُ عَلَيهِم أن يُصَدِّقوهُم ؟
قالَ: بَلى.


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
122

ورَسولُ رَبِّ العالَمينَ أرحَمُ [بِكَ] مِن ذلِكَ، [و] لا يُهلِكُكَ، ولكِنَّهُ يُقيمُ عَلَيكَ حُجَجَ اللّه‏ِ، ولَيسَ حُجَجُ اللّه‏ِ لِنَبِيِّهِ وَحدَهُ عَلى حَسَبِ اقتِراحِ عِبادِهِ، لِأَنَّ العِبادَ جُهّالٌ بِما يَجوزُ مِنَ الصَّلاحِ، وبِما لايَجوزُ مِنَ الفَسادِ، وقَد يَختَلِفُ اقتِراحُهُم ويَتَضادُّ حَتّى يَستَحيلَ وُقوعُهُ، [إذ لَو كانَتِ اقتِراحاتُهُم واقِعَةً لَجازَ أن تَقتَرِحَ أنتَ أن تُسقَطَ السَّماءُ عَلَيكُم، ويَقتَرِحَ غَيرُكَ أن لا تُسقَطَ عَلَيكُمُ السَّماءُ، بَل أن تُرفَعَ الأَرضُ إلَى السَّماءِ، وتَقَعَ السَّماءُ عَلَيها، وكانَ ذلِكَ يَتَضادُّ ويَتَنافى، أو يَستحيلُ وُقوعُهُ]، واللّه‏ُ عَزَّوجَلَّ لايَجري تَدبيرُهُ عَلى ما يَلزَمُ بِهِ المُحالُ.
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: وهَل رَأَيتَ يا عَبدَاللّه‏ِ طَبيبا كانَ دَواؤُهُ لِلمَرضى عَلى حَسَبِ اقتِراحاتِهِم ؟ وإنَّما يَفعَلُ بِهِ ما يَعلَمُ صَلاحَهُ فيهِ، أحَبَّهُ العَليلُ أو كَرِهَهُ، فَأَنتُمُ المَرضى وَاللّه‏ُ طَبيبُكُم، فَإِن أنقَدتُم۱ لِدَوائِهِ شَفاكُم، وإن تَمَرَّدتُم عَلَيهِ أسقَمَكُم.
وبَعدُ، فَمَتى رَأَيتَ يا عَبدَاللّه‏ِ مُدَّعي حَقٍّ [مِن] قِبَلِ رَجُلٍ أوجَبَ عَلَيهِ حاكِمٌ مِن حُكّامِهِم فيما مَضى ـ بَيِّنَةً عَلى دَعواهُ عَلى حَسَبِ اقتِراحِ المُدَّعى عَلَيهِ ؟ إذا ما كان يَثبُتُ لِأَحَدٍ عَلى أحَدٍ دَعوًى ولا حَقٌّ، ولا كانَ بَينَ ظالِمٍ ومَظلومٍ ولا بَينَ صادِقٍ وكاذِبٍ فَرقٌ.
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: يا عَبدَاللّه‏ِ وأمّا قَولُكَ: «أو تَأتِيَ بِاللّه‏ِ

1.في بحار الأنوار «أنفَذتُم» .

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 9094
صفحه از 216
پرینت  ارسال به