وَالمَلائِكَةِ قَبيلاً يُقابِلونَنَا ونُعايِنُهُم». فَإِنّ هذا مِنَ المُحالِ الَّذي لاخِفاءَ بِهِ، لِأَنَّ رَبَّنا عَزَّ وجَلَّ لَيسَ كَالمَخلوقينَ يَجيءُ ويَذهَبُ، وَيَتَحرَّكُ ويُقابِلُ شَيئا حَتّى يُؤتى بِهِ، فَقَد سَأَلتُم بِهذَا المُحالَ، وإنَّما هذَا الَّذي دَعَوتَ إلَيهِ، صِفَةُ أصنامِكُمُ الضَّعيفَةِ المَنقوصَةِ الَّتي لا تَسمَعُ، ولا تُبصِرُ، ولا تَعلَمُ، ولا تُغني عَنكُم شَيئا ولا عَن أحَدٍ.
يا عَبدَاللّه ! أوَ لَيسَ لَكَ ضِياعٌ وجِنانٌ بِالطّائِفِ، وعَقارٌ بِمَكَّةَ وقُوّامٌ عَلَيها ؟
قالَ: بَلى.
قالَ: أفَتُشاهِدُ جَميعَ أحوالِها بِنَفسِكَ، أو بِسُفَراءَ بَينَكَ وبَينَ مُعامِليكَ ؟
قالَ: بِسُفَراءَ.
قالَ: أرَأَيتَ لَو قالَ مُعامِلوكَ وأكَرَتُكَ وخَدَمُكَ لِسُفَرائِكَ: «لانُصَدِّقُكُم في هذِهِ السِّفارَةِ إلاّ أن تَأتونا بِعَبدِاللّهِ بنِ أبي اُمَيَّةَ لِنُشاهِدَهُ فَنَسمَعَ ما تَقولونَ عَنهُ شِفاها»، كُنتَ تُسَوِّغُهُم هذا ؟ أوَ كانَ يَجوزُ لَهُم عِندَكَ ذلِكَ ؟
قالَ: لا.
قالَ: فَمَا الَّذي يَجِبَ عَلى سُفرائِكَ ؟ ألَيسَ أن يَأتوهُم عَنكَ بِعَلامَةٍ صَحيحَةٍ تَدُلُّهُم عَلى صِدقِهِم فَيَجِبُ عَلَيهِم أن يُصَدِّقوهُم ؟
قالَ: بَلى.