صراع الحضارات
ينبثق اختلاف الحضارات عادة عن اعتقاد الأقوام والشعوب والأحزاب والجماعات، بل وكلّ فرد بصحّة آرائه وأحقّية معتقداته وأخلاقه وسلوكه دون الآخرين. وقد قال الإمام الصادق عليهالسلام في هذا المعنى:
«ثَلاثُ خِلالٍ يَقولُ كُلُّ إنسانٍ إنَّهُ عَلى صَوابٍ مِنها: دينُهُ الَّذي يَعتَقِدُهُ، وهَواهُ الَّذي يَستَعلي عَلَيهِ، وتَدبيرُهُ في اُمورِهِ»۱.
يشير هذا الحديث إلى أهمّ عوامل اختلاف الحضارات. فمحدوديّة القوى المدركة من جهة، والتعصّب والتقليد الأعمى والنزعة النفعيّة، أو قُل: كلّ النوازع النفسيّة من جهة اُخرى، تؤدّي بكلّ جماعة إلى الاعتقاد بصواب معتقداتها الدينيّة والسياسيّة وأساليبها الإداريّة، وبطلان ما سواها. وبعبارة أدقّ:
إنّ اعتبار الذات حقّا لدى الفرد أو الجماعة هي الأساس في اختلاف الحضارات. وإذا لم يُعالج هذا الداء فإنّه يُفضي إلى الصراع بين الحضارات وربّما يؤدّي في الظروف الراهنة إلى تدميرها جميعا بسبب ما تملكه القوى الكبرى من أسلحة الدمار الشامل.