خَزيَةً، أو زَلَّةً، أو كَذبَةً، أو خِيانَةً، أو خَطَأً مِنَ القَولِ، أو سَفَها مِنَ الرَّأيِ؟ أتَظُنّونَ أنَّ رَجُلاً يَعتَصِمُ طولَ هذِهِ المُدَّةِ بِحَولِ نَفسِهِ وقُوَّتِها، أو بِحَولِ اللّهِ وقُوَّتِهِ ؟ وذلِكَ ما قالَ اللّهُ تَعالى: «انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الْأَمْثَلَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً»۱ إلى أن يُثبِتوا عَلَيكَ عَمًى بِحُجَّةٍ أكثَرَ مِن دَعاويهِمُ الباطِلَةِ الَّتي تَبَيَّنَ عَلَيكَ تَحصيلُ بُطلانِها.
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: وأمّا قَولُكَ: «لَولا نُزِّلَ هذَا القُرآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَريَتَينِ عَظيمٍ، الوَليدِ بنِ المُغيرَةِ بِمَكَّةَ أو عُروَة [بنِ مَسعودٍ الثَّقَفِيِّ]بِالطّائِفِ». فَإِنَّ اللّهَ تَعالى لَيسَ يَستَعظِمُ مالَ الدُّنيا كَما تَستَعظِمُهُ أنتَ، ولا خَطَرَ لَهُ عِندَهُ كَما لَهُ عِندَكَ، بَل لَو كانَتِ الدُّنيا عِندَهُ تَعدِلُ جَناحَ بَعوضَةٍ لَما سَقى كافِرا بِهِ مُخالِفا لَهُ شَربَةَ ماءٍ، ولَيسَ قِسمَةُ رَحمَةِ اللّهِ إلَيكَ، بَل اللّهُ هُوَ القاسِمُ لِلرَّحَماتِ، وَالفاعِلُ لِما يَشاءُ في عَبيدِهِ وإمائِهِ، ولَيسَ هُوَ عَزَّوجَلَّ مِمَّن يَخافُ أحَدا كَما تَخافُهُ أنتَ لِمالِهِ وحالِهِ، فَعَرَفتَهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذلِكَ، ولا مِمَّن يَطمَعُ في أحَدٍ في مالِهِ أو في حالِهِ كَما تَطمَعُ [أنتَ]فَتَخُصُّهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذلِكَ، ولا مِمّن يُحِبُّ أحَدا مَحَبَّةَ الهَواءِ كَما تُحِبُّ أنتَ، فَتُقَدِّمُ مَن لايَستَحِقُّ التَّقديمَ. وإنّما مُعامَلَتُهُ بِالعَدلِ، فَلا يُؤثِرُ أحَدا لِأَفضَلِ مَراتِبِ الدّينِ وخِلالِهِ، إلاَّ الأَفضَلَ في طاعَتِهِ والأَجَدَّ في خِدمَتِهِ، وكَذلِكَ لا يُؤَخِّرُ في مَراتِبِ الدّينِ وخِلالِهِ إلاّ أشَدَّهُم تَباطُؤا عَن