مِثلُكُم، ولكِن رَبّي خَصَّني بِالنُّبُوَّةِ دونَكُم، كَما يَخُصُّ بَعضَ البَشَرِ بِالغِنى وَالصِّحَّةِ وَالجَمالِ دونَ بَعضٍ مِنَ البَشَرِ، فَلا تُنكِروا أن يَخُصَّني أيضا بِالنُّبُوَّةِ [دونَكُم].
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: وأمّا قَولُكَ: «[إنَّ] هذا مَلِكَ الرّومِ ومَلِكَ الفُرسِ لا يَبعَثانِ رَسولاً إلاّ كَثيرَ المالِ، عَظيمَ الحالِ، لَهُ قُصورٌ ودورٌ وفَساطيطُ وخِيامٌ وعَبيدٌ وخُدّامٌ، ورَبُّ العالَمينَ فَوقَ هؤُلاءِ كُلِّهِم فَهُم عَبيدُهُ». فَإِنَّ اللّهَ لَهُ التَّدبيرُ وَالحُكمُ، لا يَفعَلُ عَلى ظَنِّكَ وحِسبانِكَ، ولا بِاقتِراحِكَ، بَل يَفعَلُ مايَشاءُ، ويَحكُمُ ما يُريدُ، وهُوَ مَحمودٌ.
يا عَبدَاللّهِ، إنّما بَعَثَ اللّهُ نَبِيَّهُ لِيُعَلِّمَ النّاسَ دينَهُم، ويَدعُوَهُم إلى رَبِّهِم، ويَكُدُّ نَفسَهُ في ذلِكَ آناءَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ، فَلَو كانَ صاحِبَ قُصورٍ يَحتَجِبُ فيها وعَبيدٍ وخَدَمٍ يَستُرونَهُ عَنِ النّاسِ، ألَيسَ كانَتِ الرِّسالَةُ تَضيعُ وَالاُمورُ تَتَباطَأُ ؟ أوَ ماتَرَى المُلوكَ إذَا احتَجَبوا كَيفَ يَجرِي الفَسادُ وَالقَبائِحُ مِن حَيثُ لايَعلَمونَ بِهِ ولا يَشعُرونَ ؟!
يا عَبدَاللّهِ، إنَّما بَعَثَنِي اللّهُ ولا مالَ لي لِيُعَرِّفَكُم قُدرَتَهُ وقُوَّتَهُ، وإنَّهُ هُوَ النّاصِرُ لِرَسولِهِ، لا تَقدِرونَ عَلى قَتلِهِ ولا مَنعِهِ مِن رِسالاتِهِ، فَهذا أبيَنُ في قُدرَتِهِ وفي عَجزِكُم، وسَوفَ يُظفِرُنِيَ اللّهُ بِكُم فَاُوسِعكُم قَتلاً وأسرا، ثُمَّ يُظفِرُنِيَ اللّهُ بِبِلادِكُم ويَستَولي عَلَيهَا المُؤمِنونَ مِن دونِكُم ودونِ مَن يُوافِقُكُم عَلى دينِكُم.