أن يَكونَ ذلِكَ مُحدَثا وهذا قَديما، وكَيفَ يَحتاجُ إلَى المَحالِ مَن لَم يَزَل قَبلَ المَحالِ، وهُوَ عَزَّوجَلَّ لا يَزالُ كَما لَم يَزَل ؟ وإذا وَصَفتُموهُ بِصِفَةِ المُحدَثاتِ فِي الحُلولِ، فَقَد لَزِمَكُم أن تَصِفوهُ بِالزَّوالِ [وَالحُدوثِ] ! وإذا وَصَفتُموهُ بِالزَّوالِ وَالحُدوثِ، وَصَفتُموهُ بِالفَناءِ ! لِأَنَّ ذلِكَ أجمَعُ مِن صِفاتِ الحالِّ وَالمَحلولِ فيهِ، وجَميعُ ذلِكَ يُغَيِّرُ الذّاتَ، فَإِن كانَ لَم يَتَغَيَّر ذاتُ الباري تَعالى بِحُلولِهِ في شَيءٍ، جازَ أن لا يَتَغَيَّرَ بِأَن يَتَحَرَّكَ ويَسكُنَ ويَسوَدَّ ويَبيَضَّ ويَحمَرَّ ويَصفَرَّ، وتَحِلَّهُ الصِّفاتُ الَّتيتَتَعاقَبُ عَلَى المَوصوفِ بِها، حَتّى يكونَ فيهِ جَميعُ صِفاتِ المُحدَثينَ، ويَكون مُحدَثا ـ عَزَّ اللّهَ تَعالى عَن ذلِكَ.
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله: فَإِذا بَطَلَ ما ظَنَنتُموهُ مِن أنَّ اللّهَ يَحِلُّ في شَيءٍ، فَقَد فَسَدَ ما بَنَيتُم عَلَيهِ قَولَكُم.
قالَ: فَسَكَتَ القَومُ وقالوا: سَنَنظُرُ في اُمورِنا.
ثُمَّ أقبَلَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله عَلَى الفَريقِ الثّاني فَقالَ [لَهُم]: أخبِرونا عَنكُم إذا عَبَدتُم صُوَرَ مَن كانَ يَعبُدُ اللّهَ فَسَجَدتُم لَهَا وصَلَّيتُم، فَوَضَعتُمُ الوُجوهَ الكَريمَةَ عَلَى التُّرابِ ـ بِالسُّجودِ لَها ـ فَمَا الَّذي أبقَيتُم لِرَبِّ العالَمينَ ؟ أما عَلِمتُم أنَّ مِن حَقِّ مَن يَلزَمُ تَعظيمُهُ وعِبادَتُهُ أن لا يُساوى بِهِ عَبدُهُ ؟ أرَأَيتُم مَلِكا أو عَظيما إذا ساوَيتُموهُ بِعَبيدِهِ فِي التَّعظيمِ وَالخُشوعِ وَالخُضوعِ، أيَكونُ في ذلِكَ وَضعٌ مِن حَقِّ الكَبيرِ كَما يَكونُ زِيادَةٌ في تَعظيمِ الصَّغيرِ ؟