103
الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة

فَقالوا: لا.
فَقالَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: فَإِذا يَنقَطِعُ أحَدُهُما عَنِ الآخَرِ، فَيَسبِقُ أحَدُهُما، ويَكونُ الثّاني جارِيا بَعدَهُ.
قالوا: كَذلِكَ هُوَ.
فَقالَ: قَد حَكَمتُم بِحُدوثِ ما تَقَدَّمَ مِن لَيلٍ ونَهارٍ لَم تُشاهِدوهُما، لا تُنكِروا للّه‏ِِ قُدرَةً.
ثُمَّ قالَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أتَقولونَ ما قَبلَكُم مِنَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ مُتَناهٍ أم غَيرُ مُتناهٍ ؟ فَإِن قُلتُم: غَيرُ مُتَناهٍ، فَكَيفَ وَصَلَ إلَيكُم آخَرُ بِلا نِهايَةٍ لِأَوَّلِهِ ؟ وإن قُلتُم: إنَّهُ مُتَناهٍ، فَقَد كانَ ولا شَيءَ مِنهُما.
قالوا: نَعَم.
قالَ لَهُم: أقُلتُم: إنَّ العالَمَ قَديمٌ غَيرُ مُحدَثٍ، وأنتُم عارِفونَ بِمَعنى ما أقرَرتُم بِهِ، وبِمَعنى ما جَحَدتُموهُ ؟
قالوا: نَعَم.
قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: فَهذَا الَّذي تُشاهِدونَهُ مِنَ الأَشياءِ بَعضِها إلى بَعضٍ يَفتَقِرُ، لِأَ نَّهُ لا قِوامَ لِلبَعضِ إلاّ بِما يَتَّصِلُ بِهِ. ألا تَرَى البِناءَ مُحتاجا بَعضَ أجزائِهِ إلى بَعضٍ وإلاّ لَم يَتَّسِق، ولَم يُستَحكَم، وكَذلِكَ سائِرُ ما تَرَونَ.
وقالَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: فَإِذا كانَ هذَا المُحتاجُ ـ بَعضُهُ إلى بَعضٍ لِقُوَّتِهِ وتَمامِهِ ـ هُوَ القَديمُ، فَأَخبِروني أن لَو كانَ مُحدَثا، كَيفَ كانَ يَكونُ ؟ وماذا


الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
102

ثُمَّ أقبَلَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَلَى الدَّهرِيَّةِ فَقالَ: وأنتُم فَمَا الَّذي دَعاكُم إلَى القَولِ بِأَنَّ الأَشياءَ لا بُدُوَّ لَها وهِيَ دائِمَةٌ لَم تَزَل ولا تَزالُ ؟
فَقالوا: لِأَنّا لا نَحكُمُ إلاّ بِما نُشاهِدُ، ولَم نَجِد لِلأَشياءِ حَدَثا، فَحَكَمنا بِأَنّها لَم تَزَل، ولَم نَجِد لَهَا انقِضاءً وفَناءً، فَحَكَمنا بِأَنَّها لا تَزالُ.
فَقالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أفَوَجَدتُم لَها قِدَما ؟ أم وَجَدتُم لَها بَقاءً أبَدَ الآبِدِ ؟ فَإِن قُلتُم: إنَّكُم وَجَدتُم ذلِكَ، أنهَضتُم لِأَنفُسِكُم أنَّكُم لَم تَزالوا عَلى هَيئَتِكُم وعُقولِكُم بِلا نِهايَةٍ، ولا تَزالونَ كَذلِكَ، ولَئِن قُلتُم هذا، دَفَعتُمُ العِيانَ وكَذَّبَكُمُ العالَمونَ الَّذينَ يُشاهِدونَكُم.
قالوا: بَل لَم نُشاهِد لَها قِدَما، ولا بَقاءً أبَدَ الآبِدِ.
قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: فَلِمَ صِرتُم بِأَن تَحكُموا بِالقِدَمِ وَالبَقاءِ دائِما، لِأَنَّكُم لَم تُشاهِدوا حُدوثَها، وَانقِضاؤُها أولى مِن تارِكِ التَّمييزِ لَها مِثلِكُم، فَيَحكُمُ لَها بِالحُدوثِ وَالاِنقِضاءِ وَالاِنقِطاعِ، لِأَ نَّهُ لَم يُشاهِد لَها قِدَما، ولا بَقاءً أبَدَ الآبِدِ.
أوَلَستُم تُشاهِدونَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ و[أنَّ]أحَدَهُما بَعدَ الآخَرِ ؟
فَقالوا: نَعَم.
فَقالَ: أتَرَونَهُما لَم يَزالا ولا يَزالانِ ؟
فَقالوا: نَعَم.
فَقالَ: أفَيَجوزُ عِندَكُمُ اجتِماعُ اللَّيلِ وَالنَّهارِ ؟

  • نام منبع :
    الحوار بین الحضارات فی الکتاب والسنة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری شهری، با همکاری: رضا برنجکار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    قم
تعداد بازدید : 9153
صفحه از 216
پرینت  ارسال به