وليس في سندها من يمكن التوقّف فيه إلَّا سهل بن زياد، وهو مورد وثوق على الأصحّ۱.۲
أقول: هذا الوجه اجتهادي، ولا ريب أنّ الاطمئنان الحاصل من خلال تتبّع روايات سهل ومقارنتها بالروايات الأخری أقوی من الاطمئنان الحاصل من قول الرجالي. وسيأتي منّا في الفصول اللاحقة ما يدعم هذا القول.
زبدة المخاض
اتّضح ممّا تقدّم في هذا الفصل أنّ الذين طعنوا في سهل بن زياد تمسّكوا بعدّة وجوه، إلّا أنّها جميعاً مخدوشة، ولا شيء منها تامّ. وفي قبال ذلك ذكر آخرون وجوهاً عديدة لتوثيقه، وهي علی نحوين: فبعضها ممّا لا يمكن قبوله؛ كروايته عن أكثر من إمام، أو مكاتبة الإمام له بخطّ يده، فإنّنا نمنع دلالتهما على التوثيق. وبعضها مما يمكن الركون إليه والاعتماد عليه، وهي علی قسمين أيضاً: فقسم منها لا تتمّ دلالته على التوثيق إلّا بضمّ بعض المقدّمات إليه؛ نظير الاستناد لقول الإمام الصادق علیه السلام: «اعْرِفُوا منَازِلَ النَّاسِ عَلَى قَدرِ رِوايَتِهِمْ عَنّا» على اختلاف نصوصه؛ فإنّ دلالته على سموّ منزلة سهل لا تتمّ إلّا بعد إثبات أنّ سهلاً كان يفهم الروايات فهماً دقيقاً، إلّا أن المستدلّ لم یقدّم شاهداً على ذلك. والقسم الآخر دالّ علی التوثيق من دون حاجة لضم شيء إليه؛ نظير إكثار المحدّثين النقل عنه، فإنه كاشف عن وثاقته دون شكّ، خاصّة وأنّ عدداً منهم من الأجلّاء، كالكليني والصدوق.
وأمّا ما نقل عن أحمد بن محمّد بن عيسى من نسبة الكذب والغلوّ إليه وإخراجه من قم، فقد تقدّم الجواب عليه. مع أنّنا لا نجد فيمن عاصره محدّثاً آخر طعن في سهل نظير طعن أحمد الأشعري، مع كثرة المحدّثين في قم والريّ، فلو كان سهل كذاباً غالياً لطعنوا عليه ولتعاملوا معه بنفس تعامل أحمد الأشعري، في حين أنّنا لا نجد ذلك، بل نجد خلافه؛ فنری في طريق كتاب سهل عدداً من أجلّاء قم والريّ وبغداد ـ كما ستأتي الإشارة إليه لاحقاً إن