ب ـ الاُسرة الحديثية
بما أنّ كلام أهل البيت علیهم السلام بمنزلة البنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً، ويبيّن بعضه بعضاً، فمن الضروريّ إلقاء نظرة على النصوص الاُخرى المروية في هذا المجال عن أهل البيت علیهم السلام وملاحظة القرائن التي يمكن أن تعيننا على فهم النصّ محلّ الكلام بشكل دقيق، وبمراجعة التعبير «اعْرِفُوا مَنَازِلَ» نجد الرواية التالية:
محمّد بن سعد الكشي بن مزيد وأبو جعفر محمّد بن أبي عوف البخاري، قالا: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن حمّاد المروزي المحمودي، رفعه، قال قال الصادق علیه السلام:
۰.اعْرِفُوا مَنَازِلَ شِيعَتِنَا بِقَدْرِ مَا يُحْسِنُونَ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ عَنَّا، فَإِنَّا لا نَعُدُّ الْفَقِيهَ مِنْهُمْ فَقِيهاً حَتَّى يَكُونَ مُحَدَّثاً. فَقِيلَ لَهُ: أَوَيَكُونُ المُؤمِنُ مُحَدَّثاً ؟ قَالَ: يَكُونُ مُفْهَّماً، وَ المُفْهَّمُ مُحَدَّثُ.۱
فقد ذكر الإمام علیه السلام معياراً لتقييم الشيعة فقال: «بِقَدْرِ مَا يُحْسِنُونَ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ عَنَّا...»، وهو أن يحسنون الرواية عن أهل البيت علیهم السلام، والمراد من إحسان الرواية هو الفهم الدقيق لها كما يشهد له تعليل الإمام علیه السلام قائلاً:
۰.فَإِنَّا لا نَعُدُّ الْفَقِيهَ مِنْهُمْ فَقِيهاً حَتَّى يَكُونَ مُحَدَّثاً... يَكُونُ مُفْهَّماً، وَ المُفْهَّمُ مُحَدَّثُ.
ومن الواضح أنّ الفهم والفقه للرواية غير مجرّد الرواية ونقل الألفاظ.
والنتيجة التي ننتهي إليها ممّا تقدّم هي: أنّ المراد من المعيار المذكور: «اعْرِفُوا مَنَازِلَ... عَلَى قَدْرِ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا» هو: اعرفوا منازلهم علی قدر فهمهم للروايات، لا مجرّد نقل الألفاظ كما زعم المستدلّ.
وإذا ما تنزّلنا وقلنا: إنّ كثرة نقل الرواية المجرّد عن الفهم والدراية كاشف عن منزلة الشخص، فالقدر المتيقّن من ذلك هو نقل الرواية عن المعصوم علیه السلام، وتعميمها للنقل عن الرواة بحاجة إلى دليل. والذي عثرت عليه من الروايات التي رواها سهل عن الإمام